الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ - تراجم الفقهاء - أرض الحوز - تصرف الإمام في أرض الحوز - دفعها للزراع، مع بقاء رقبتها
جَزِيرَةِ الْعَرَبِ كُلُّهَا عِنْدَهُمْ عُشْرِيَّةٌ، فَلاَ يُعْتَبَرَانِ مِنْ أَرْضِ الْحَوْزِ إِلاَّ لِسَبَبٍ جَدِيدٍ مِمَّا سَبَقَ.
تَصَرُّفُ الإِْمَامِ فِي أَرْضِ الْحَوْزِ
دَفْعُهَا لِلزُّرَّاعِ، مَعَ بَقَاءِ رَقَبَتِهَا:
١٠ - يَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يَدْفَعَ الأَْرْضَ الأَْمِيرِيَّةَ لِلزُّرَّاعِ بِأَحَدِ طَرِيقَيْنِ:
الأَْوَّل: إِقَامَتُهُمْ مَقَامَ الْمُلاَّكِ فِي الزِّرَاعَةِ، وَإِعْطَاءِ الْخَرَاجِ.
وَالثَّانِي: إِجَارَتُهَا لِلزُّرَّاعِ بِقَدْرِ الْخَرَاجِ. فَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ فِي حَقِّ الإِْمَامِ خَرَاجًا. ثُمَّ إِنْ كَانَ دَرَاهِمَ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الإِْمَامِ خَرَاجٌ مُوَظَّفٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضَ الْخَارِجِ فَهُوَ خَرَاجُ مُقَاسَمَةٍ. وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الزُّرَّاعِ هُوَ أُجْرَةٌ لاَ غَيْرُ، لاَ عُشْرٌ وَلاَ خَرَاجٌ (١)، لأَِنَّهُ لَمَّا دَل الدَّلِيل عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْمُؤْنَتَيْنِ (الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ) فِي أَرَاضِي الْمَمْلَكَةِ وَالْحَوْزِ، كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا أُجْرَةً لاَ غَيْرُ. فَإِنْ قُلْتَ: اسْتِئْجَارُ الأَْرْضِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ لاَ يَجُوزُ؛ لِكَوْنِهِ إِجَارَةً فَاسِدَةً لِلْجَهَالَةِ، فَمَا وَجْهُ الْجَوَازِ هُنَا؟ فَالْجَوَابُ مَا قُلْنَا: إِنَّهُ جُعِل فِي حَقِّ الإِْمَامِ خَرَاجًا وَفِي حَقِّ الأُْكْرَةِ (أَيِ الزُّرَّاعِ) أُجْرَةً لِضَرُورَةِ عَدَمِ صِحَّةِ الْخَرَاجِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: " لِعَدَمِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ مَوْتِ أَهْلِهَا وَصَيْرُورَتِهَا لِبَيْتِ الْمَال ". وَقَال: " وَيُمْكِنُ جَعْلُهَا مُزَارَعَةً لاَ إِجَارَةً حَقِيقِيَّةَ ". ثُمَّ قَال: " وَعَلَى دَفْعِهَا بِأَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُمْ وَتَصَرُّفُهُمْ فِيهَا وَلاَ تُورَثُ. أَمَّا عَلَى الثَّانِي (أَيْ إِجَارَتِهَا لِلزُّرَّاعِ) فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الأَْوَّل فَلأَِنَّ إِقَامَتَهُمْ مَقَامَ الْمُلاَّكِ لِلضَّرُورَةِ فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، فَهَذِهِ
_________
(١) مجمع الأنهر ١ / ٦٧١، وابن عابدين ٣ / ٢٥٦