الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ -
أَنَّ الضَّمَانَ لاَزِمٌ فِي إِتْلاَفِ الدَّوَابِّ إِنْ كَانَ لَيْلًا، أَمَّا إِنْ كَانَ نَهَارًا فَلاَ ضَمَانَ فِيهِ (١) . بَيْنَمَا لِلْحَنَفِيَّةِ قَوْلٌ آخَرُ نَذْكُرُهُ بَعْدَ قَلِيلٍ بِإِذْنِ اللَّهِ.
هَذَا، وَقَدْ وَافَقَ الْمَالِكِيَّةُ الشَّافِعِيَّةَ فِي قَوْلِهِمْ بِتَضْمِينِ رَاكِبِهَا وَقَائِدِهَا وَسَائِقِهَا.
أَمَّا حُكْمُ مَا أَتْلَفَهُ الْحَمَامُ وَالنَّحْل وَالدَّجَاجُ فَجَاءَ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ فِيهِ رِوَايَتَانِ:
الأُْولَى: تُوَافِقُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ حُكْمَهَا كَالْمَاشِيَةِ فِي الإِْتْلاَفِ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ، إِلاَّ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَدْ قَال بِصَوَابِ الرِّوَايَةِ الأُْولَى (٢) . أَمَّا الْبَاجِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ فَقَدْ ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: فِي الْمَوَاضِعِ ضَرْبٌ تَنْفَرِدُ فِيهِ الْمَزَارِعُ وَالْحَوَائِطُ، لَيْسَ بِمَكَانِ سَرْحٍ، فَهَذَا لاَ يَجُوزُ إِرْسَال الْمَوَاشِي فِيهِ، وَمَا أَفْسَدَتْ فِيهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَعَلَى أَرْبَابِهَا الضَّمَانُ. وَضَرْبٌ آخَرُ جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِإِرْسَال مَوَاشِيهِمْ فِيهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَأَحْدَثَ رَجُلٌ فِيهِ زَرْعًا فَأَتْلَفَتْهُ الْمَوَاشِي، فَلاَ ضَمَانَ فِيهِ عَلَى أَهْل الْمَوَاشِي، سَوَاءٌ وَقَعَ الإِْتْلاَفُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (٣) .
وَمِنَ الْمُفِيدِ جِدًّا أَنْ نُشِيرَ إِلَى مَا ذَكَرَهُ مُؤَلِّفُ التَّاجِ وَالإِْكْلِيل إِذْ قَال: بِأَنَّ الرَّجُل إِذَا أَرْسَل فِي أَرْضِهِ نَارًا أَوْ مَاءً فَوَصَل إِلَى أَرْضِ جَارِهِ فَأَتْلَفَ زَرْعَهَا، يُنْظَرُ فِي الأَْمْرِ عَلَى ضَوْءِ قُرْبِ الأَْرْضِ وَبُعْدِهَا، فَإِنْ كَانَتِ الأَْرْضُ قَرِيبَةً فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً إِلاَّ أَنَّ النَّارَ وَصَلَتْهَا بِسَبَبِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلاَ ضَمَانَ (٤) .
_________
(١) التاج والإكليل ٣ / ٣٢٣ وكشاف القناع ٢ / ٤٣٨
(٢) التاج والإكليل ٦ / ٣٢٤
(٣) التاج والإكليل ٦ / ٣٢٣
(٤) التاج والإكليل ٦ / ٣٢١