الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ - تراجم الفقهاء - إرسال - ثالثا الإرسال بمعنى الإهمال - حكم ضمان ما أتلفته الحيوانات والمواشي المرسلة

لأَِنَّهُ يَنْقُل عِبَارَةَ الْمُرْسِل. وَكَذَا الْكِتَابُ بِمَنْزِلَةِ الْخِطَابِ مِنَ الْكَاتِبِ، فَكَانَ سَمَاعُ قَوْل الرَّسُول وَقِرَاءَةُ الْكِتَابِ سَمَاعَ قَوْل الْمُرْسِل وَكَلاَمَ الْكَاتِبِ مَعْنًى، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعَا كَلاَمَ الرَّسُول وَقِرَاءَةَ الْكِتَابِ لاَ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، بَيْنَمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إِذَا قَالَتْ: زَوَّجْتُ نَفْسِي يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعَا كَلاَمَ الرَّسُول وَقِرَاءَةَ الْكِتَابِ، إِذْ أَنَّ قَوْل الزَّوْجِ بِانْفِرَادِهِ عَقْدٌ عِنْدَهُ وَقَدْ حَضَرَ الشَّاهِدَانِ (١) . فَيَتَّضِحُ أَنَّ الشَّهَادَةَ هُنَا مَأْخُوذٌ بِهَا عِنْدَ السَّمَاعِ لِكَلاَمِ الْمُرْسِل. هَذَا وَقَدْ أَيَّدَ الدُّسُوقِيُّ الْكَاسَانِيَّ فِي اعْتِبَارِ الشَّهَادَةِ لِلْمُرْسِل، إِذْ ذَكَرَ فِي حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيِّ عَلَى الشَّرْحِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْمُودَعَ يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ إِنْ دَفَعَهَا لِلرَّسُول مِنْ غَيْرِ إِشْهَادٍ؛ لأَِنَّهُ لَمَّا دَفَعَ لِغَيْرِ الْيَدِ الَّتِي ائْتَمَنَتْهُ كَانَ عَلَيْهِ الإِْشْهَادُ، فَلَمَّا تَرَكَهُ صَارَ مُفَرِّطًا، وَأَمَّا إِنْ دَفَعَ لَهُ بِإِشْهَادٍ فَقَدْ بَرِئَ، وَيَرْجِعُ الْمُرْسَل إِلَيْهِ عَلَى الرَّسُول عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ (٢) .

ثَالِثًا: الإِْرْسَال بِمَعْنَى الإِْهْمَال

حُكْمُ ضَمَانِ مَا أَتْلَفَتْهُ الْحَيَوَانَاتُ وَالْمَوَاشِي الْمُرْسَلَةُ:

١٣ - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي مَعْرِضِ بَيَانِهِمْ لِحُكْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى التَّفْرِيقِ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ بَيْنَ الدَّابَّةِ الَّتِي تُتْلِفُ أَمْوَال الْغَيْرِ وَمَعَهَا رَاكِبٌ، وَالدَّابَّةِ الَّتِي تُتْلِفُهَا مِنْ غَيْرِ قَائِدٍ.

وَبِنَاءً عَلَى هَذَا التَّفْرِيقِ فَقَدْ قَالُوا: إِذَا أَتْلَفَتِ الدَّابَّةُ مَالًا أَوْ نَفْسًا، لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَكَانَ مَعَهَا رَاكِبُهَا

_________

(١) بدائع الصنائع ٣ / ١٣٣٥ للعلامة علاء الدين أبي بكر الكاساني الحنفي مطبعة الإمام / بالقاهرة

(٢) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ٤٢٦ للعلامة شمس الدين محمد عرفة الدسوقي - مطبعة الحلبي / بالقاهرة.