الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ - تراجم الفقهاء - ارتفاق - الارتفاق بالمنافع العامة والأولوية فيه

الاِرْتِفَاقُ بِالْمَنَافِعِ الْعَامَّةِ وَالأَْوْلَوِيَّةُ فِيهِ:

٨ - صَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ: يَجُوزُ الاِرْتِفَاقُ بِالْقُعُودِ فِي الْوَاسِعِ مِنَ الشَّوَارِعِ وَالطُّرُقَاتِ وَالرِّحَابِ بَيْنَ الْعُمْرَانِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى وَجْهٍ لاَ يَضِيقُ عَلَى أَحَدٍ، وَلاَ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ، لاِتِّفَاقِ أَهْل الأَْمْصَارِ فِي جَمِيعِ الأَْعْصَارِ عَلَى إِقْرَارِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ، وَلأَِنَّهُ ارْتِفَاقٌ مُبَاحٌ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ، فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ كَالاِجْتِيَازِ. قَال أَحْمَدُ فِي السَّابِقِ إِلَى دَكَاكِينِ السُّوقِ (أَيِ الأَْمَاكِنِ الْمُعَدَّةِ لِلْبَاعَةِ غَيْرِ الدَّائِمِينَ) غَدْوَةً: فَهُوَ لَهُ إِلَى اللَّيْل. وَكَانَ هَذَا فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ فِيمَا مَضَى. وَقَدْ قَال النَّبِيُّ ﷺ: مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ (١) وَلَهُ أَنْ يُظَلِّل عَلَى نَفْسِهِ بِمَا لاَ ضَرَرَ فِيهِ. . . فَإِنْ قَامَ وَتَرَكَ مَتَاعَهُ فِيهِ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ إِزَالَتُهُ، لأَِنَّ يَدَ الأَْوَّل عَلَيْهِ، وَإِنْ نَقَل مَتَاعَهُ كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْعُدَ فِيهِ، لأَِنَّ يَدَهُ قَدْ زَالَتْ، وَإِنْ قَعَدَ وَأَطَال مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُتَمَلِّكِ، وَيَخْتَصُّ بِنَفْعٍ يُسَاوِيهِ فِيهِ غَيْرُهُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ. وَيُحْتَمَل أَنَّهُ لاَ يُزَال، لأَِنَّهُ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ. وَإِنْ اسْتَبَقَ اثْنَانِ إِلَيْهِ احْتَمَل أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَاحْتَمَل أَنْ يُقَدِّمَ الإِْمَامُ مَنْ يَرَى مِنْهُمَا. وَإِنْ كَانَ الْجَالِسُ يُضَيِّقُ عَلَى الْمَارَّةِ لَمْ يَحِل لَهُ الْجُلُوسُ فِيهِ، وَلاَ يَحِل لِلإِْمَامِ تَمْكِينُهُ بِعِوَضٍ وَلاَ غَيْرِهِ (٢) .

وَبِنَحْوِ ذَلِكَ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ قَال الرَّمْلِيُّ: (وَمَنْ أَلِفَ مِنْ مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ مَوْضِعًا يُفْتِي فِيهِ النَّاسَ،

_________

(١) حديث: " منى مناخ من سبق " أخرجه ابن ماجه (٢ / ١٠٠٠ - ط عيسى الحلبي) والترمذي (٣ / ٢٢٨ - ط عيسى الحلبي)

(٢) المغني ٥ / ٥٧٦، ٥٧٧ ط مكتبة الرياض