الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٩ - حرف العين - عدة - عدة المستحاضة - القول الثاني
٣٦ - الأَْمْرُ الثَّانِي الْمُسْتَحَاضَةُ الْمُتَحَيِّرَةُ الَّتِي لَمْ تَسْتَطِعِ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَنَسِيَتْ قَدْرَ عَادَتِهَا، أَوْ تَرَى يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا نَقَاءً، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ مُبْتَدَأَةً أَمْ غَيْرَهَا، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عِدَّتِهَا عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
الْقَوْل الأَْوَّل: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ وَأَبُو عُبَيْدٍ إِلَى أَنَّ عِدَّةَ الْمُسْتَحَاضَةِ هُنَا ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ نُزُول الْحَيْضِ مَرَّةً فِي كُل شَهْرٍ، أَوْ لاِشْتِمَال كُل شَهْرٍ عَلَى طُهْرٍ وَحَيْضٍ غَالِبًا، وَلِعِظَمِ مَشَقَّةِ الاِنْتِظَارِ إِلَى سِنِّ الْيَأْسِ، وَلأَِنَّهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُرْتَابَةٌ، فَدَخَلَتْ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ﴾ (١) وَلأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال لِحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ تَلَجَّمِي وَتَحَيَّضِي فِي كُل شَهْرٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ (٢) فَجَعَل لَهَا حَيْضَةً فِي كُل شَهْرٍ تَتْرُكُ فِيهَا الصَّلاَةَ وَالصِّيَامَ، وَيَثْبُتُ فِيهَا سَائِرُ أَحْكَامِ الْحَيْضِ، فَيَجِبُ أَنْ تَنْقَضِيَ بِهِ الْعِدَّةُ، لأَِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيْضِ.
الْقَوْل الثَّانِي: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي
_________
(١) سورة الطلاق / ٤.
(٢) حديث حمنة بنت جحش. أخرجه الترمذي (١ / ٢٢٣) وابن ماجه (١ / ٢٠٥) واللفظ لابن ماجه، وقال الترمذي: حسن صحيح.