الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٩ -
شَهَادَةُ الْمَجْرُوحِ عَلَى الْجَارِحِ وَوَرَثَةِ الْمَقْتُول عَلَى الْقَاتِل، وَالْمَقْذُوفِ عَلَى الْقَاذِفِ، وَالْمَشْتُومِ عَلَى الشَّاتِمِ، وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِي ضَابِطِهَا، فَقَال الشَّلَبِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: الْعَدُوُّ مَنْ يَفْرَحُ بِحُزْنِهِ وَيَحْزَنُ بِفَرَحِهِ، وَقِيل: يُعْرَفُ بِالْعُرْفِ، وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ دُرَرِ الْحُكَّامِ عَلَى الْعُرْفِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْعَدَاوَةُ الَّتِي تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ: أَنْ تَبْلُغَ حَدًّا يَتَمَنَّى زَوَال نِعْمَتِهِ وَيَفْرَحُ لِمُصِيبَتِهِ وَيَحْزَنُ لِمَسَرَّتِهِ، وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَيُخَصُّ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ عَلَى الآْخَرِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ سَرَّهُ مَسَاءَةُ أَحَدٍ، أَوْ غَمَّهُ فَرَحُهُ، وَطَلَبَ لَهُ الشَّرَّ وَنَحْوَهُ، فَهُوَ عَدُوُّهُ، لاَ تُقْبَل شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ لِلتُّهْمَةِ.
أَمَّا الْعَدَاوَةُ الدِّينِيَّةُ فَلاَ تَمْنَعُ قَبُول الشَّهَادَةِ، فَتُقْبَل شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَالْمُتَّبِعُ عَلَى الْمُبْتَدِعِ، وَلَوْ تَجَاوَزَ أَحَدٌ الْحَدَّ بِارْتِكَابِ الْمَنَاهِي وَالْمَعَاصِي وَصَارَ أَحَدٌ عَدُوًّا لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَتُقْبَل شَهَادَةُ ذَلِكَ الْعَدُوِّ عَلَيْهِ، إِلاَّ إِذَا كَانَتِ الْعَدَاوَةُ الدِّينِيَّةُ قَدْ سَبَّبَتْ إِفْرَاطَ الأَْذَى عَلَى الْفَاسِقِ وَمُرْتَكِبِ الْمَعَاصِي، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَمْنَعُ الْعَدَاوَةُ الدِّينِيَّةُ قَبُول الشَّهَادَةِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ تُقْبَل فِيهِ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ،