الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٩ -
وَهُنَاكَ أَقْوَالٌ أُخْرَى فِي الْمَذْهَبِ، مِنْهَا: أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَال الْغَرِيمِ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ، وَمِنْهَا: أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارَ حَقِّهِ مِنْ مَال غَرِيمِهِ مِنَ الْجِنْسِ أَوْ غَيْرِهِ، بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَكُونَ الْمَال الْمَأْخُوذُ وَدِيعَةً عِنْدَ الآْخِذِ، لِقَوْل الرَّسُول ﷺ: أَدِّ الأَْمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ (١) وَقَدْ ذُكِرَ فِي مِنَحِ الْجَلِيل أَنَّ هَذَا الْقَوْل ضَعِيفٌ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ، وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ جَوَازُ أَخْذِ الْحَقِّ مِنَ الْوَدِيعَةِ (٢) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ جَوَازَ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْ مَال الْغَرِيمِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْقَاضِي يُشْتَرَطُ لَهُ أَنْ لاَ يَقْدِرَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ بِطَرِيقِ الشَّرْعِ الظَّاهِرِ، وَذَلِكَ بِأَنْ لاَ يَكُونَ مَعَهُ بَيِّنَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ مُنْكِرًا (٣) .
وَأَضَافَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الْفُرُوقِ: إِنَّ جَوَازَ أَخْذِ الْحَقِّ بِدُونِ رَفْعٍ إِلَى الْقَاضِي مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مُجْمَعًا عَلَى ثُبُوتِهِ، وَأَنْ يَتَعَيَّنَ فِيهِ بِحَيْثُ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى الاِجْتِهَادِ وَالتَّحْرِيرِ فِي تَحْقِيقِ سَبَبِهِ وَمِقْدَارِ مُسَبَّبِهِ، وَأَنْ لاَ يُؤَدِّيَ أَخْذُهُ إِلَى فِتْنَةٍ وَشَحْنَاءَ، وَأَنْ
_________
(١) حديث: " أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ". أخرجه أبو داود (٣ / ٨٠٥) والترمذي (٣ / ٥٥٥) من حديث أبي هريرة وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
(٢) منح الجليل ٤ / ٣٢١.
(٣) تهذيب الفروق ٤ / ١٢٣، منح الجليل ٤ / ٣٢١.