الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٩ -
قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنِ الْجَدْرِ (١) أَمِنْ الْبَيْتِ هُوَ؟ قَال: نَعَمْ (٢) .
وَقَدْ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَعَطَاءٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ: إِلَى أَنَّ الطَّوَافَ مِنْ وَرَاءِ الْحَطِيمِ فَرْضٌ، مَنْ تَرَكَهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِطَوَافِهِ، حَتَّى لَوْ مَشَى عَلَى جِدَارِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ، لأَِنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْكَعْبَةِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِي الطَّوَافِ.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى الطَّوَافِ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ، وَفِعْلُهُ بَيَانٌ لِلْقُرْآنِ، فَيُلْتَحَقُ بِهِ، فَيَكُونُ فَرْضًا.
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: دُخُول الْحِجْرِ فِي الطَّوَافِ وَاجِبٌ لأَِنَّ كَوْنَهُ جُزْءًا مِنَ الْبَيْتِ ثَبَتَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ يَثْبُتُ بِهِ الْوُجُوبُ عِنْدَهُمْ لاَ الْفَرْضُ (٣) .
وَعَلَى ذَلِكَ فَمَنْ تَرَكَ الطَّوَافَ خَلْفَ الْحِجْرِ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَلَمْ يُعْتَدَّ بِهِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَطُفْ بِجَمِيعِ الْبَيْتِ.
_________
(١) الجدر: هو الحجر.
(٢) حديث عائشة: سألت النبي ﷺ عن الجدر أمن البيت هو. أخرجه البخاري (فتح الباري ٣ / ٤٣٩) ومسلم (٢ / ٩٧٣) .
(٣) بدائع الصنائع ٢ / ١٣١ و١٣٣ و١٣٤، والمسلك المتقسط ص ١٠٤، ورد المحتار ٢ / ٢١٩، وشرح المنهاج ٢ / ١٠٥، ومغني المحتاج ١ / ٤٨٦، ومواهب الجليل ٣ / ٧١ - ٧٥ وحاشية العدوي ١ / ٤٦٦، والشرح الكبير ٢ / ٣١، المغني ٣ / ٣٨٢ والفروع ٣ / ٤٩٩.