الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٩ -
الْحَقِيقَةُ بِانْتِفَاءِ بَعْضِ أَجْزَاءِ مَفْهُومِهَا، فَكَيْفَ بِالْكُل؟ .
وَنَظِيرُهُ فِي الشَّرْعِ النُّطْفَةُ نَجِسَةٌ، وَتَصِيرُ عَلَقَةً وَهِيَ نَجِسَةٌ، وَتَصِيرُ مُضْغَةً فَتَطْهُرُ، وَالْعَصِيرُ طَاهِرٌ فَيَصِيرُ خَمْرًا فَيَنْجُسُ، وَيَصِيرُ خَلًّا فَيَطْهُرُ، فَعَرَفْنَا أَنَّ اسْتِحَالَةَ الْعَيْنِ تَسْتَتْبِعُ زَوَال الْوَصْفِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا.
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ مَا اسْتَحَالَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ بِالنَّارِ، أَوْ زَال أَثَرُهَا بِهَا يَطْهُرُ.
كَمَا تَطْهُرُ النَّجَاسَةُ عِنْدَهُمْ بِانْقِلاَبِ الْعَيْنِ، وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ، خِلاَفًا لأَِبِي يُوسُفَ.
وَمِنْ تَفْرِيعَاتِ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْمُجْتَبَى أَنَّهُ إِنْ جُعِل الدُّهْنُ النَّجِسُ فِي صَابُونٍ يُفْتَى بِطَهَارَتِهِ، لأَِنَّهُ تَغَيَّرَ، وَالتَّغَيُّرُ يُطَهِّرُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَيُفْتَى بِهِ لِلْبَلْوَى، وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ مَا لَوْ وَقَعَ إِنْسَانٌ أَوْ كَلْبٌ فِي قِدْرِ الصَّابُونِ فَصَارَ صَابُونًا يَكُونُ طَاهِرًا لِتَبَدُّل الْحَقِيقَةِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الْعِلَّةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ هِيَ التَّغَيُّرُ وَانْقِلاَبُ الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّهُ يُفْتَى بِهِ لِلْبَلْوَى، وَمُقْتَضَاهُ: عَدَمُ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِالصَّابُونِ، فَيَدْخُل فِيهِ كُل مَا كَانَ فِيهِ تَغَيُّرٌ وَانْقِلاَبٌ حَقِيقَةً، وَكَانَ فِيهِ بَلْوَى عَامَّةٌ.