الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٩ -
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَطْهُرُ نَجِسُ الْعَيْنِ بِالاِسْتِحَالَةِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ أَكْل الْجَلاَّلَةِ وَأَلْبَانِهَا (١) لأَِكْلِهَا النَّجَاسَةَ، وَلَوْ طَهُرَتْ بِالاِسْتِحَالَةِ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ.
قَال الرَّمْلِيُّ: وَلاَ يَطْهُرُ نَجِسُ الْعَيْنِ بِالْغَسْل مُطْلَقًا، وَلاَ بِالاِسْتِحَالَةِ، كَمَيْتَةٍ وَقَعَتْ فِي مَلاَّحَةٍ فَصَارَتْ مِلْحًا، أَوْ أُحْرِقَتْ فَصَارَتْ رَمَادًا (٢) .
وَقَال الْبُهُوتِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: وَلاَ تَطْهُرُ نَجَاسَةٌ بِنَارٍ، فَالرَّمَادُ مِنَ الرَّوْثِ النَّجِسِ نَجِسٌ وَصَابُونٌ عُمِل مِنْ زَيْتٍ نَجِسٍ نَجِسٌ، وَكَذَا لَوْ وَقَعَ كَلْبٌ فِي مَلاَّحَةٍ فَصَارَ مِلْحًا، أَوْ فِي صَبَّانَةٍ فَصَارَ صَابُونًا.
لَكِنْ نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَحَوَّلَتِ الْعَلَقَةُ إِلَى مُضْغَةٍ، فَإِنَّهَا تَصِيرُ طَاهِرَةً بَعْدَ أَنْ كَانَتْ نَجِسَةً، وَذَلِكَ لأَِنَّ نَجَاسَتَهَا بِصَيْرُورَتِهَا عَلَقَةً، فَإِذَا زَال ذَلِكَ عَادَتْ إِلَى أَصْلِهَا، كَالْمَاءِ الْكَثِيرِ الْمُتَغَيِّرِ بِالنَّجَاسَةِ (٣) . وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ نَجِسَ الْعَيْنِ يَطْهُرُ بِالاِسْتِحَالَةِ؛ لأَِنَّ الشَّرْعَ رَتَّبَ وَصْفَ النَّجَاسَةِ عَلَى تِلْكَ الْحَقِيقَةِ، وَتَنْتَفِي
_________
(١) حديث: " نهى النبي ﷺ عن أكل الجلالة وألبانها ". أخرجه الترمذي (٤ / ٢٧٠) من حديث ابن عمر، وقال: حديث حسن غريب.
(٢) نهاية المحتاج ١ / ٢٣٠.
(٣) كشاف القناع ١ / ١٨٦ - ١٨٧.