الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٩

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٩ -

فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ مُدَّةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ كَانَ لَهَا طَلَبُ التَّفْرِيقِ عَلَيْهِ إِذَا تَحَقَّقَتِ الشُّرُوطُ الأُْخْرَى، وَذَلِكَ اسْتِدْلاَلًا بِمَا رَوَى أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ﵁، قَال: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْنَمَا كَانَ يَحْرُسُ الْمَدِينَةَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ فِي بَيْتِهَا وَهِيَ تَقُول:

تَطَاوَل هَذَا اللَّيْل وَاسْوَدَّ جَانِبُهُ

وَطَال عَلَيَّ أَنْ لاَ حَبِيبَ أُلاَعِبُهْ

وَوَاللَّهِ لَوْلاَ خَشْيَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ

لَحُرِّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ

فَسَأَل عُمَرُ عَنْهَا فَقِيل لَهُ: هَذِهِ فُلاَنَةُ زَوْجُهَا غَائِبٌ فِي سَبِيل اللَّهِ تَعَالَى، فَأَرْسَل إِلَى امْرَأَةٍ تَكُونُ مَعَهَا، وَبَعَثَ إِلَى زَوْجِهَا فَأَقْفَلَهُ، ثُمَّ دَخَل عَلَى حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فَقَال: يَا بُنَيَّةُ كَمْ تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا؟ فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَمِثْلُكَ يَسْأَل مِثْلِي عَنْ هَذَا؟ فَقَال: لَوْلاَ أَنِّي أُرِيدُ النَّظَرَ لِلْمُسْلِمِينَ مَا سَأَلْتُكِ، قَالَتْ: خَمْسَةُ أَشْهُرٍ، سِتَّةُ أَشْهُرٍ، فَوَقَّتَ لِلنَّاسِ فِي مَغَازِيهِمْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، يَسِيرُونَ شَهْرًا، وَيُقِيمُونَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَيَسِيرُونَ شَهْرًا رَاجِعِينَ. (١)

_________

(١) المغني ٧ / ٢٣٥.