الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٩ -
وَأَمَّا السَّكْرَانُ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِسُكْرِهِ، كَمَا إِذَا سَكِرَ مُضْطَرًّا، أَوْ مُكْرَهًا أَوْ بِقَصْدِ الْعِلاَجِ الضَّرُورِيِّ إِذَا تَعَيَّنَ بِقَوْل طَبِيبٍ مُسْلِمٍ ثِقَةٍ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُسْكِرٌ، لَمْ يَقَعْ طَلاَقُهُ بِالاِتِّفَاقِ، لِفِقْدَانِ الْعَقْل لَدَيْهِ كَالْمَجْنُونِ دُونَ تَعَدٍّ، هَذَا إِذَا غَابَ عَقْلُهُ أَوِ اخْتَلَّتْ تَصَرُّفَاتُهُ، وَإِلاَّ وَقَعَ طَلاَقُهُ.
وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا بِسُكْرِهِ، كَأَنْ شَرِبَ الْخَمْرَةَ طَائِعًا بِدُونِ حَاجَةٍ، وَقَعَ طَلاَقُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ رَغْمَ غِيَابِ عَقْلِهِ بِالسُّكْرِ، وَذَلِكَ عِقَابًا لَهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ سَعِيدٍ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَغَيْرِهِمْ.
وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَيْنِ: الأُْولَى: بِوُقُوعِ طَلاَقِهِ كَالْجُمْهُورِ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ الْخَلاَّل وَالْقَاضِي. وَالثَّانِيَةُ: بِعَدَمِ وُقُوعِ طَلاَقِهِ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا اخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ وَالْكَرْخِيُّ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْقَاسِمِ، وَطَاوُسٍ، وَرَبِيعَةَ، وَغَيْرِهِمْ.
وَقَدِ اسْتُدِل لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ بِأَنَّ