الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٨

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٨ - حرف الضاد - ضرر - القواعد الفقهية الضابطة لأحكام الضرر

وَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ (١)، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَشْمَل كُل أَنْوَاعِ الضَّرَرِ لأَِنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ، وَفِيهِ حَذْفٌ، أَصْلُهُ لاَ لُحُوقَ أَوْ إِلْحَاقَ، أَوْ لاَ فِعْل ضَرَرٍ أَوْ ضِرَارٍ بِأَحَدٍ فِي دِينِنَا، أَيْ: لاَ يَجُوزُ شَرْعًا إِلاَّ لِمُوجِبٍ خَاصٍّ (٢) .

أَمَّا إِدْخَال الضَّرَرِ عَلَى أَحَدٍ يَسْتَحِقُّهُ لِكَوْنِهِ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ فَيُعَاقَبُ بِقَدْرِ جَرِيمَتِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ فَيَطْلُبُ الْمَظْلُومُ مُقَابَلَتَهُ بِالْعَدْل، فَهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ بِالْحَدِيثِ قَطْعًا (٣) .

كَمَا أَنَّ الضَّرَرَ يُبَاحُ اسْتِثْنَاءً فِي أَحْوَالٍ أُخْرَى، ضَبَطَتْهَا بَعْضُ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ مِنْ أَمْثَال قَاعِدَةِ " الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ "، وَقَاعِدَةِ " الضَّرَرُ الأَْشَدُّ يُزَال بِالضَّرَرِ الأَْخَفِّ " وَمَا إِلَى ذَلِكَ مِنَ الْقَوَاعِدِ الَّتِي يَأْتِي ذِكْرُهَا.

الْقَوَاعِدُ الْفِقْهِيَّةُ الضَّابِطَةُ لأَِحْكَامِ الضَّرَرِ:

٥ - لَقَدْ عَنَى الْفُقَهَاءُ كَثِيرًا بِدِرَاسَةِ مَوْضُوعِ الضَّرَرِ وَمُعَالَجَةِ آثَارِهِ، وَذَلِكَ لِمَا لَهُ مِنْ أَهَمِّيَّةٍ بَالِغَةٍ فِي اسْتِقْرَارِ الْعَلاَقَاتِ بَيْنَ النَّاسِ،

_________

(١) حديث: " لا ضرر ولا ضرار ". أخرجه مالك في الموطأ (٢ / ٧٤٥) من حديث يحيى المازني مرسلا، ولكن له شواهد موصولة يتقوى بها، ذكرها ابن رجب في جامع العلوم والحكم. (ص ٢٨٦ - ٢٨٧) وحسنه النووي

(٢) فيض القدير ٦ / ٤٣١.

(٣) جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي ص ٢٨٨.