الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٨ - حرف الصاد - صيغة - ما يتعلق بالصيغة من أحكام - أثر الصيغة - القسم الثالث
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُرِيدًا لِمَعْنًى يُخَالِفُهُ، وَذَلِكَ كَالْمُعَرِّضِ وَالْمُوَرِّي وَالْمُلْغِزِ وَالْمُتَأَوِّل.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ:
١٨ - مَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنَاهُ وَيَحْتَمِل إِرَادَةَ الْمُتَكَلِّمِ لَهُ، وَيَحْتَمِل إِرَادَةَ غَيْرِهِ وَلاَ دَلاَلَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الأَْمْرَيْنِ، وَاللَّفْظُ دَالٌّ عَلَى الْمَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ، وَقَدْ أَتَى بِهِ اخْتِيَارًا (١) .
ثُمَّ بَيَّنَ ابْنُ الْقَيِّمِ مَا يُحْمَل عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ هَذِهِ الأَْقْسَامِ، وَمَا لاَ يُحْمَل عَلَى ظَاهِرِهِ، وَمَا يُحْمَل عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ، فَقَال: إِذَا ظَهَرَ قَصْدُ الْمُتَكَلِّمِ لِمَعْنَى الْكَلاَمِ، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ قَصْدٌ يُخَالِفُ كَلاَمَهُ وَجَبَ حَمْل كَلاَمِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَهَذَا حَقٌّ لاَ يُنَازِعُ فِيهِ عَالِمٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ أَدِلَّةً كَثِيرَةً، وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَالْوَاجِبُ حَمْل كَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ وَحَمْل كَلاَمِ الْمُكَلَّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُهُ، وَهُوَ الَّذِي يُقْصَدُ مِنَ اللَّفْظِ عِنْدَ التَّخَاطُبِ، وَلاَ يَتِمُّ التَّفْهِيمُ وَالْفَهْمُ إِلاَّ بِذَلِكَ، وَمُدَّعِي غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ الْقَاصِدِ لِلْبَيَانِ وَالتَّفْهِيمِ كَاذِبٌ عَلَيْهِ.
قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْحَمْل عَلَى الظَّاهِرِ حُكْمًا بَعْدَ ظُهُورِ مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْفَاعِل بِخِلاَفِ مَا أَظْهَرَهُ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي
_________
(١) أعلام الموقعين ٣ / ١٠٧ - ١٠٨.