الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٨ -
وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْل ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ وَعَطَاءٍ وَرَبِيعَةَ وَإِسْحَاقَ. وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ يَقُولُونَ: إِنْ كَانَتِ الْجِرَاحَةُ مُوحِيَةً كَأَنْ ذَبَحَهُ أَوْ أَبَانَ حَشْوَتَهُ لَمْ يَضُرَّ وُقُوعُهُ فِي الْمَاءِ، وَلاَ تَرَدِّيهِ، لأَِنَّ هَذَا صَارَ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ بِالذَّبْحِ، فَلاَ يُؤَثِّرُ فِيهِ مَا أَصَابَهُ (١) .
وَلَوْ وَقَعَ الصَّيْدُ فِي الْمَاءِ عَلَى وَجْهٍ لاَ يَقْتُلُهُ، مِثْل أَنْ يَكُونَ رَأْسُهُ خَارِجًا مِنَ الْمَاءِ، أَوْ يَكُونَ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ الَّذِي لاَ يَقْتُلُهُ الْمَاءُ، أَوْ كَانَ التَّرَدِّي لاَ يَقْتُل مِثْل ذَلِكَ الْحَيَوَانِ فَلاَ خِلاَفَ فِي إِبَاحَتِهِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: وَإِنْ وَجَدْتَهُ غَرِيقًا فِي الْمَاءِ فَلاَ تَأْكُل (٢)، وَلأَِنَّ الْوُقُوعَ فِي الْمَاءِ وَالتَّرَدِّي إِنَّمَا حُرِّمَ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ قَاتِلًا أَوْ مُعِينًا عَلَى الْقَتْل، وَهَذَا مُنْتَفٍ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ (٣) .
وَكَذَلِكَ إِذَا وَقَعَ عَلَى الأَْرْضِ ابْتِدَاءً، بَعْدَ أَنْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَمَاتَ حَل؛ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ كَيْ لاَ يَنْسَدَّ بَابُ الاِصْطِيَادِ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا أَمْكَنَ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، لأَِنَّ اعْتِبَارَهُ لاَ يُؤَدِّي إِلَى سَدِّ بَابِهِ، وَلاَ يُؤَدِّي إِلَى الْحَرَجِ، فَأَمْكَنَ تَرْجِيحُ الْمُحَرَّمِ عِنْدَ التَّعَارُضِ عَلَى مَا هُوَ الأَْصْل فِي الشَّرْعِ (٤) .
_________
(١) المغني لابن قدامة ٨ / ٥٥٥، والمراجع السابقة.
(٢) حديث: " وإن وجدته غريقا في الماء فلا تأكل. . . ". أخرجه مسلم (٣ / ١٥٣١) .
(٣) المراجع السابقة.
(٤) الزيلعي ٦ / ٥٨، ومغني المحتاج ٤ / ٣٧٤.