الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٨ -
وَالْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَوَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَمْكَنَ الْمَصُول عَلَيْهِ أَنْ يَهْرُبَ أَوْ يَلْتَجِئَ إِلَى حِصْنٍ أَوْ جَمَاعَةٍ أَوْ حَاكِمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجُزْ لَهُ الْقِتَال، لأَِنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَخْلِيصِ نَفْسِهِ بِالأَْهْوَنِ فَالأَْهْوَنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْدِل إِلَى الأَْشَدِّ مَعَ إِمْكَانِ الأَْسْهَل وَلأَِنَّهُ أَمْكَنَهُ الدِّفَاعُ عَنْ نَفْسِهِ دُونَ إِضْرَارِ غَيْرِهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ.
وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ لِوُجُوبِ الْهَرَبِ أَنْ يَكُونَ بِلاَ مَشَقَّةٍ، فَإِنْ كَانَ بِمَشَقَّةٍ فَلاَ يَجِبُ. وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ أَنْ يَكُونَ الصَّائِل مَعْصُومَ الدَّمِ، فَلَوْ صَال عَلَيْهِ مُرْتَدٌّ أَوْ حَرْبِيٌّ لَمْ يَجِبِ الْهَرَبُ وَنَحْوُهُ، بَل يَحْرُمُ عَلَيْهِ.
فَإِنْ لَمْ يَهْرُبْ - حَيْثُ وَجَبَ الْهَرَبُ - فَقَاتَل وَقَتَل الصَّائِل، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، فِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الأَْوْجَهُ، وَلَزِمَتْهُ الدِّيَةُ فِي الْقَوْل الآْخَرِ لَهُمْ أَيْضًا.
وَأَمَّا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ الْهَرَبِ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ إِقَامَتَهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ جَائِزَةٌ، فَلاَ يُكَلَّفُ الاِنْصِرَافُ.
وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْمَصُول عَلَيْهِ إِنْ تَيَقَّنَ النَّجَاةَ بِالْهَرَبِ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَإِلاَّ فَلاَ يَجِبُ (١) .
_________
(١) حاشية ابن عابدين ٥ / ٣٥١، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٩٧، ومواهب الجليل ٦ / ٣٢٣، ومغني المحتاج ٤ / ١٩٧، ونهاية المحتاج ٨ / ٢٥، وحاشية الجمل ٥ / ١٦٨، وكفاية الأخيار ٢ / ١٢٠، والمغني لابن قدامة ٨ / ٣٣١، وكشاف القناع ٦ / ١٥٤، تبصرة الحكام ٢ / ٣٠٣.