الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٨ -
وَمَا دُونَهَا، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الصَّائِل كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا، عَاقِلًا أَوْ مَجْنُونًا، بَالِغًا أَوْ صَغِيرًا، مَعْصُومَ الدَّمِ أَوْ غَيْرَ مَعْصُومِ الدَّمِ، آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ.
وَاسْتَدَل أَصْحَابُ هَذَا الرَّأْيِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (١) فَالاِسْتِسْلاَمُ لِلصَّائِل إِلْقَاءٌ بِالنَّفْسِ لِلتَّهْلُكَةِ، لِذَا كَانَ الدِّفَاعُ عَنْهَا وَاجِبًا. وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ (٢) وَلِقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ قُتِل دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ (٣) وَقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ أَشَارَ بِحَدِيدَةٍ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - يُرِيدُ قَتْلَهُ - فَقَدْ وَجَبَ دَمُهُ (٤) .
وَلأَِنَّهُ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَصُول عَلَيْهِ قَتْل نَفْسِهِ، يَحْرُمُ عَلَيْهِ إِبَاحَةُ قَتْلِهَا، وَلأَِنَّهُ قَدَرَ عَلَى إِحْيَاءِ نَفْسِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ فِعْل ذَلِكَ، كَالْمُضْطَرِّ لأَِكْل الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا (٥) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الصَّائِل كَافِرًا، وَالْمَصُول عَلَيْهِ مُسْلِمًا وَجَبَ الدِّفَاعُ
_________
(١) سورة البقرة / ١٩٥
(٢) سورة الأنفال / ٣٩.
(٣) حديث: " من قتل دون دمه فهو شهيد ". أخرجه الترمذي (٤ / ٣٠) من حديث سعيد بن زيد ﵁، وقال حديث حسن صحيح.
(٤) حديث: " من أشار بحديدة إلى أحد من المسلمين. . . ". أخرجه أحمد (٦ / ٢٦٦) وفي إسناده جهالة كما في المجمع للهيثمي ٧ / ٢٩٢.
(٥) حاشية ابن عابدين ٥ / ٣٥١، وأحكام القرآن للجصاص ٢ / ٤٨٧، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٩٧، ومواهب الجليل ٦ / ٣٢٣.