الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٨ -
يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّا كُنَّا صَائِمَتَيْنِ، فَعُرِضَ لَنَا طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ، فَقَال: اقْضِيَا يَوْمًا آخَرَ مَكَانَهُ (١) .
وَلأَِنَّ مَا أَتَى بِهِ قُرْبَةٌ، فَيَجِبُ صِيَانَتُهُ وَحِفْظُهُ عَنِ الْبُطْلاَنِ، وَقَضَاؤُهُ عِنْدَ الإِْفْسَادِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ (٢)، وَلاَ يُمْكِنُ ذَلِكَ إِلاَّ بِإِتْيَانِ الْبَاقِي، فَيَجِبُ إِتْمَامُهُ وَقَضَاؤُهُ عِنْدَ الإِْفْسَادِ ضَرُورَةً، فَصَارَ كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ التَّطَوُّعَيْنِ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ: وُجُوبُ الْقَضَاءِ عِنْدَ الإِْفْسَادِ مُطْلَقًا، أَيْ: سَوَاءٌ أُفْسِدَ عَنْ قَصْدٍ - وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ - أَوْ غَيْرِ قَصْدٍ، بِأَنْ عَرَضَ الْحَيْضُ لِلصَّائِمَةِ الْمُتَطَوِّعَةِ، وَذَلِكَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ: صَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَلاَ تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ، لاَ أَدَاءً وَلاَ قَضَاءً، إِذَا أُفْسِدَ، لاِرْتِكَابِهِ النَّهْيَ بِصِيَامِهَا، فَلاَ تَجِبُ صِيَانَتُهُ، بَل يَجِبُ إِبْطَالُهُ، وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ يَنْبَنِي عَلَى وُجُوبِ الصِّيَانَةِ، فَلَمْ يَجِبْ قَضَاءً، كَمَا لَمْ يَجِبْ أَدَاءً.
وَخَصَّ الْمَالِكِيَّةُ وُجُوبَ الْقَضَاءِ بِالْفِطْرِ الْعَمْدِ الْحَرَامِ، وَذَلِكَ كَمَنْ شَرَعَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، ثُمَّ أَفْطَرَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلاَ عُذْرٍ،
_________
(١) حديث عائشة: " كنت أنا وحفصة صائمتين. . . ". أخرجه الترمذي (٣ / ١٠٣) وأعله بأن الصواب إرساله.
(٢) سورة محمد / ٣٣.