الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٨

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٨ -

وَلأَِنَّ الْفَمَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، لاَ يُبْطِل الصَّوْمَ بِالْوَاصِل إِلَيْهِ كَالأَْنْفِ وَالْعَيْنِ.

وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ قَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِنَّ الْمَضْمَضَةَ، إِنْ كَانَتْ لِحَاجَةٍ كَغَسْل فَمِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَنَحْوِهِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَضْمَضَةِ لِلطَّهَارَةِ، وَإِنْ كَانَ عَابِثًا، أَوْ مَضْمَضَ مِنْ أَجْل الْعَطَشِ كُرِهَ (١) .

وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَصُبَّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ مِنَ الْحَرِّ وَالْعَطَشِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِالْعَرْجِ، يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ صَائِمٌ، مِنَ الْعَطَشِ، أَوْ مِنَ الْحَرِّ (٢) .

وَكَذَا التَّلَفُّفُ بِثَوْبٍ مُبْتَلٍّ لِلتَّبَرُّدِ وَدَفْعِ الْحَرِّ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلأَِنَّ بِهَذِهِ عَوْنًا لَهُ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَدَفْعًا لِلضَّجَرِ وَالضِّيقِ.

وَكَرِهَهَا أَبُو حَنِيفَةَ، لِمَا فِيهَا مِنْ إِظْهَارِ الضَّجَرِ فِي إقَامَةِ الْعِبَادَةِ (٣) .

واغْتِسَال الصَّائِمِ، فَلاَ يُكْرَهُ، وَلاَ بَأْسَ بِهِ حَتَّى لِلتَّبَرُّدِ، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ

_________

(١) المغني ٣ / ٤٤، ٤٥.

(٢) حديث بعض أصحاب النبي ﷺ: " لقد رأيت رسول الله ﷺ بالعرج. . . ". أخرجه أبو داود (٢ / ٧٦٩) والحاكم (١ / ٤٣٢) وأشار الحاكم إلى تصحيحه ووافقه الذهبي.

(٣) مراقي الفلاح ص ٣٧٣، والدر المختار ورد المحتار عليه ٢ / ١١٤.