الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٨ -
قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: اشْتَكَتْ عَيْنِي، أَفَأَكْتَحِل وَأَنَا صَائِمٌ؟ قَال: نَعَمْ (١) .
وَتَرَدَّدَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الاِكْتِحَال، فَقَالُوا: إِنْ كَانَ لاَ يَتَحَلَّل مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يُفْطِرْ، وَإِنْ تَحَلَّل مِنْهُ شَيْءٌ أَفْطَرَ. وَقَال أَبُو مُصْعَبٍ: لاَ يُفْطِرُ. وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا.
وَقَال أَبُو الْحَسَنِ: إِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ يَصِل إِلَى حَلْقِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَإِنْ شَكَّ كُرِهَ، وَلْيَتَمَادَ (أَيْ يَسْتَمِرُّ فِي صَوْمِهِ) وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لاَ يَصِل، فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَقَال مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إِذَا دَخَل حَلْقَهُ، وَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ وَصَل الْكُحْل إِلَى حَلْقِهِ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمَ وُصُولِهِ لِلْحَلْقِ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، كَاكْتِحَالِهِ لَيْلًا وَهُبُوطِهِ نَهَارًا لِلْحَلْقِ، لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (٢) .
وَهَذَا أَيْضًا مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، فَقَدْ قَالُوا: إِذَا اكْتَحَل بِمَا يَصِل إِلَى حَلْقِهِ وَيَتَحَقَّقُ الْوُصُول إِلَيْهِ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنَ
_________
(١) حديث أنس: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: " اشتكت عيني. . . ". أخرجه الترمذي (٣ / ٩٦) وقال: ليس إسناده بالقوي، ولا يصح عن النبي ﷺ في هذا الباب شيء.
(٢) حاشية العدوي على الخرشي ٢ / ٢٤٩، وجواهر الإكليل ١ / ١٤٩، والقوانين الفقهية ص ٨٠، والمدونة ١ / ١٩٧.