الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٨ -
قَالُوا: وَلَوْ تَحَمَّل الْمَرِيضُ الضَّرَرَ، وَصَامَ مَعَهُ، فَقَدْ فَعَل مَكْرُوهًا، لِمَا يَتَضَمَّنُهُ مِنَ الإِْضْرَارِ بِنَفْسِهِ، وَتَرْكِهِ تَخْفِيفًا مِنَ اللَّهِ وَقَبُول رُخْصَتِهِ، لَكِنْ يَصِحُّ صَوْمُهُ وَيُجْزِئُهُ، لأَِنَّهُ عَزِيمَةٌ أُبِيحَ تَرْكُهَا رُخْصَةً، فَإِذَا تَحَمَّلَهُ أَجْزَأَهُ، لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، كَمَا أَتَمَّ الْمُسَافِرُ، وَكَالْمَرِيضِ الَّذِي يُبَاحُ لَهُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ، إِذَا حَضَرَهَا.
قَال فِي الْمُبْدِعِ: فَلَوْ خَافَ تَلَفًا بِصَوْمِهِ، كُرِهَ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ. وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلاَفًا فِي الإِْجْزَاءِ (١) .
وَلَخَصَّ ابْنُ جُزَيٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَحْوَال الْمَرِيضِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّوْمِ، وَقَال: لِلْمَرِيضِ أَحْوَالٌ:
الأُْولَى: أَنْ لاَ يَقْدِرَ عَلَى الصَّوْمِ أَوْ يَخَافَ الْهَلاَكَ مِنَ الْمَرَضِ أَوِ الضَّعْفَ إِنْ صَامَ، فَالْفِطْرُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الصَّوْمِ بِمَشَقَّةٍ، فَالْفِطْرُ لَهُ جَائِزٌ، وَقَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مُسْتَحَبٌّ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقْدِرَ بِمَشَقَّةٍ، وَيَخَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ، فَفِي وُجُوبِ فِطْرِهِ قَوْلاَنِ.
الرَّابِعَةُ: أَنْ لاَ يَشُقَّ عَلَيْهِ، وَلاَ يَخَافُ
_________
(١) المغني ٣ / ١٧، وكشف القناع ٢ / ٣١٠.