الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٧ -
وَعَنْهَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَاعِدٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ (١) .
وَلَوِ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ قَائِمًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَقْعُدَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ اسْتِحْسَانًا؛ لأَِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ فِي الاِبْتِدَاءِ فَكَذَا بَعْدَ الشُّرُوعِ؛ لأَِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ أَيْضًا.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لاَ يَجُوزُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لأَِنَّ الشُّرُوعَ مُلْزِمٌ كَالنَّذْرِ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ قَائِمًا لاَ يَجُوزُ لَهُ الْقُعُودُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَكَذَا إِذَا شَرَعَ قَائِمًا.
وَلَوِ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ قَاعِدًا فَأَدَّى بَعْضَهَا قَاعِدًا، وَبَعْضَهَا قَائِمًا أَجْزَأَهُ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ، فَقَدِ انْتَقَل مِنَ الْقُعُودِ إِلَى الْقِيَامِ، وَمِنَ الْقِيَامِ إِلَى الْقُعُودِ، فَدَل عَلَى أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي صَلاَةِ التَّطَوُّعِ (٢) .
وَقَدْ نُقِل عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَدَمُ جَوَازِ صَلاَةِ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَالتَّرَاوِيحِ قَاعِدًا، لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ (٣) .
_________
(١) حديث عائشة: " أن رسول الله ﷺ كان يصلى ليلا طويلا قائما ". أخرجه مسلم ١ / ٥٠٤ - ط. الحلبي) .
(٢) البدائع ٢ / ٧٤٧، وكشاف القناع ١ / ٤٤١.
(٣) ابن عابدين ٢ / ١٤.