الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٧ -
وَمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ، إِنْ كَانَ الْكَلاَمُ يَسِيرًا عُرْفًا، فَيُعْذَرُ بِهِ، وَاسْتَدَلُّوا لِلنَّاسِي بِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَال: صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّهِ ﷺ الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَى خَشَبَةَ الْمَسْجِدِ وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، فَقَال لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُول اللَّهِ؟ فَقَال لأَِصْحَابِهِ: أَحَقٌّ مَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ (١) .
وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ: أَنَّهُ تَكَلَّمَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلاَةِ، وَهُمْ تَكَلَّمُوا مُجَوِّزِينَ النَّسْخَ ثُمَّ بَنَى هُوَ وَهُمْ عَلَيْهَا.
وَلاَ يُعْذَرُ فِي كَثِيرِ الْكَلاَمِ؛ لأَِنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلاَةِ وَهَيْئَتَهَا، وَالْقَلِيل يُحْتَمَل لِقِلَّتِهِ وَلأَِنَّ السَّبْقَ وَالنِّسْيَانَ فِي كَثِيرٍ نَادِرٍ.
قَال الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: وَمَرْجِعُ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ إِلَى الْعُرْفِ عَلَى الأَْصَحِّ.
وَأَمَّا الْمُكْرَهُ عَلَى الْكَلاَمِ فَإِنَّهُ تَبْطُل صَلاَتُهُ عَلَى الأَْظْهَرِ وَلَوْ كَانَ كَلاَمُهُ يَسِيرًا، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ لاَ تَبْطُل كَالنَّاسِي. وَأَمَّا إِنْ كَانَ كَلاَمُهُ كَثِيرًا فَتَبْطُل بِهِ جَزْمًا.
_________
(١) حديث أبي هريرة: " صلى بنا رسول الله ﷺ الظهر أو العصر فسلم من ركعتين ". أخرجه البخاري (الفتح ١ / ٥٦٥، ٣ / ٩٦ ط. السلفية) .