الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٦ - حرف الصاد - صدقة - ما يتعلق بالصدقة من أحكام - ثانيا المتصدق عليه - التصدق على الفقراء والأغنياء

د - التَّصَدُّقُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالأَْغْنِيَاءِ:

١٨ - الأَْصْل أَنَّ الصَّدَقَةَ تُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ وَالْمُحْتَاجِينَ، وَهَذَا هُوَ الأَْفْضَل، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفُقَهَاءُ (١) . وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ (٢) وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا تَحِل لِلْغَنِيِّ (٣)؛ لأَِنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ كَالْهِبَةِ فَتَصِحُّ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ (٤) . قَال السَّرَخْسِيُّ: ثُمَّ التَّصَدُّقُ عَلَى الْغَنِيِّ يَكُونُ قُرْبَةً يُسْتَحَقُّ بِهَا الثَّوَابُ، فَقَدْ يَكُونُ غَنِيًّا يَمْلِكُ النِّصَابَ، وَلَهُ عِيَالٌ كَثِيرَةٌ، وَالنَّاسُ يَتَصَدَّقُونَ عَلَى مِثْل هَذَا لِنَيْل الثَّوَابِ (٥) . لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِلْغَنِيِّ التَّنَزُّهُ عَنْهَا، وَيُكْرَهُ لَهُ التَّعَرُّضُ لأَِخْذِهَا؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَدَحَ الْمُتَعَفِّفِينَ عَنِ السُّؤَال مَعَ وُجُودِ حَاجَتِهِمْ، فَقَال: ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِل أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾ (٦) وَيُكْرَهُ لَهُ أَخْذُهَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا. وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا إِنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ، كَمَا يَحْرُمُ أَنْ يَسْأَل، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْغَنِيُّ بِالْمَال، وَالْغَنِيُّ بِالْكَسْبِ، لِحَدِيثِ: مَنْ سَأَل النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا

_________

(١) شرح الروض ١ / ٤٠٧، ومغني المحتاج ٣ / ١٢١.

(٢) سورة البلد الآية: ١٦.

(٣) المراد بالغنى هنا: هو الذي يحرم عليه الزكاة (مغني المحتاج ٣ / ١٢٠) .

(٤) المبسوط ١٢ / ٩٢، ومغني المحتاج ٣ / ١٢٠، وكشاف القناع ٢ / ٢٩٨.

(٥) المبسوط ١٢ / ٩٢.

(٦) سورة البقرة الآية ٢٧٣.