الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٦ -

٦ - وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَحَل مُشَاوَرَتِهِ ﷺ لاَ تَكُونُ فِيمَا وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ؛ إِذِ التَّشَاوُرُ نَوْعٌ مِنَ الاِجْتِهَادِ وَلاَ اجْتِهَادَ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ.

أَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ: فَإِنَّ مَحَل مُشَاوَرَتِهِ ﷺ إِنَّمَا هُوَ فِي أَخْذِ الرَّأْيِ فِي الْحُرُوبِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمُهِمَّاتِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا مَا فِيهِ حُكْمٌ بَيْنَ النَّاسِ فَلاَ يُشَاوِرُ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا يُلْتَمَسُ الْعِلْمُ مِنْهُ، وَلاَ يَنْبَغِي لأَِحَدٍ أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ مِنْهُ، بِمَا أُنْزِل عَلَيْهِ لأَِنَّ اللَّهَ ﷾ يَقُول: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّل إِلَيْهِمْ﴾ (١) .

أَمَّا فِي غَيْرِ الأَْحْكَامِ فَرُبَّمَا بَلَغَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ مِمَّا شَاهَدُوهُ أَوْ سَمِعُوهُ مَا لَمْ يَبْلُغِ النَّبِيَّ ﷺ.

وَقَدْ صَحَّ فِي حَوَادِثَ كَثِيرَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فِي مُهِمَّاتِ الأُْمُورِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ. وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ شَاوَرَ أَصْحَابَهُ فِي أَمْرِ الأَْذَانِ وَهُوَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵁ قَال: كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلاَةَ لَيْسَ يُنَادَى لَهَا، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ، فَقَال بَعْضُهُمُ اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْل نَاقُوسِ النَّصَارَى، وَقَال بَعْضُهُمْ: بَل

_________

(١) سورة النحل / ٤٤.