الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٦ - حرف الشين - شورى - حكم الشورى في حق النبي ﷺ
كَمَا فِي قَوْلِهِ ﷺ: الْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ (١) وَلَوْ أَجْبَرَهَا الأَْبُ عَلَى النِّكَاحِ جَازَ. لَكِنَّ الأَْوْلَى أَنْ يَسْتَأْمِرَهَا، وَيَسْتَشِيرَهَا تَطْيِيبًا لِنَفْسِهَا؛ فَكَذَا هَاهُنَا (٢) .
حُكْمُ الشُّورَى فِي حَقِّ النَّبِيِّ ﷺ:
٥ - ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ فِي سِيَاقِ عَدِّهِمْ لِخَصَائِصِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ مِنَ الْخَصَائِصِ الْوَاجِبَةِ فِي حَقِّهِ الْمُشَاوَرَةَ فِي الأَْمْرِ مَعَ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَْمْرِ﴾ (٣) وَوَجْهُ اخْتِصَاصِهِ ﷺ بِوُجُوبِ الْمُشَاوَرَةِ - مَعَ كَوْنِهَا وَاجِبَةً عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أُولِي الأَْمْرِ - أَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَعَ كَمَال عِلْمِهِ وَمَعْرِفَتِهِ.
وَالْحِكْمَةُ فِي مَشُورَتِهِ ﷺ لأَِصْحَابِهِ: أَنْ يَسْتَنَّ بِهَا الْحُكَّامُ بَعْدَهُ، لاَ لِيَسْتَفِيدَ مِنْهُمْ عِلْمًا أَوْ حُكْمًا. فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ غَنِيًّا عَنْ مَشُورَتِهِمْ بِالْوَحْيِ، كَمَا أَنَّ فِي اسْتِشَارَتِهِمْ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ، وَرَفْعًا لأَِقْدَارِهِمْ، وَتَأَلُّفًا لَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ. قَال أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁: مَا رَأَيْتُ مِنَ النَّاسِ أَحَدًا أَكْثَرَ مَشُورَةً لأَِصْحَابِهِ مِنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ (٤) .
_________
(١) حديث: " البكر تستأمر " أخرجه مسلم (٢ / ١٠٣٧ - ط الحلبي) من حديث ابن عباس.
(٢) تفسير الفخر الرازي ٩ / ٦٧، وتفسير القرطبي ٤ / ٢٥٠، وأحكام القرآن للجصاص ٢ / ٤٨.
(٣) سورة آل عمران / ١٥٩.
(٤) حديث أبي هريرة: ما رأيت من الناس أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله ﷺ. أخرجه ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور للسيوطي (٢ / ٣٥٩ - ط. دار الفكر) .