الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٦ -
قَال الشَّافِعِيَّةُ (١): يَحْرُمُ غُسْل الشَّهِيدِ وَالصَّلاَةُ عَلَيْهِ لأَِنَّهُ حَيٌّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَلِمَا وَرَدَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ بِدَفْنِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَل عَلَيْهِمْ (٢) . وَجَاءَ مِنْ وُجُوهٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يُصَل عَلَيْهِمْ وَقَال فِي قَتْلَى أُحُدٍ: زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ (٣) .
وَلَعَل تَرْكَ الْغُسْل وَالصَّلاَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ جَمَاعَةُ الْمُشْرِكِينَ إِرَادَةُ أَنْ يَلْقَوْا اللَّهَ جَل وَعَزَّ بِكُلُومِهِمْ لِمَا جَاءَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ رِيحَ الْكَلِمِ رِيحُ الْمِسْكِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ (٤) وَاسْتَغْنَوْا بِكَرَامَةِ اللَّهِ جَل وَعَزَّ عَنِ الصَّلاَةِ لَهُمْ مَعَ التَّخْفِيفِ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا يَكُونُ فِيمَنْ قَاتَل بِالزَّحْفِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْجِرَاحِ وَخَوْفِ عَوْدَةِ الْعَدُوِّ وَرَجَاءِ طَلَبِهِمْ وَهَمِّهِمْ بِأَهْلِيهِمْ وَهَمِّ أَهْلِيهِمْ بِهِمْ.
وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ إِبْقَاءُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ
_________
(١) مغني المحتاج ١ / ٣٤٩.
(٢) حديث جابر: أن النبي ﷺ أمر في قتلى أحد بدفنهم. . . أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ٢٠٩ - ط السلفية) .
(٣) حديث: " زملوهم بدمائهم. . . ". أخرجه النسائي (٤ / ٧٨ - ط. المكتبة التجارية) من حديث عبد الله بن ثعلبة، وإسناده صحيح.
(٤) ما ورد أن ريح الكلْم ريح المسك. أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ٢٠ - ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٤٩٨ - ١٤٩٩، ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة.