الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٦ -

وَقَال النَّوَوِيُّ: قَال الْعُلَمَاءُ كَافَّةً: الشِّعْرُ مُبَاحٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فُحْشٌ وَنَحْوُهُ، وَهُوَ كَلاَمٌ حَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، فَقَدْ سَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ الشِّعْرَ وَاسْتَنْشَدَهُ، وَأَمَرَ بِهِ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَنْشَدَهُ أَصْحَابُهُ بِحَضْرَتِهِ فِي الأَْسْفَارِ وَغَيْرِهَا، وَأَنْشَدَهُ الْخُلَفَاءُ وَأَئِمَّةُ الصَّحَابَةِ وَفُضَلاَءُ السَّلَفِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى إِطْلاَقِهِ، وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا الْمَذْمُومَ مِنْهُ وَهُوَ الْفُحْشُ وَنَحْوُهُ (١) .

وَقَال ابْنُ حَجَرٍ: الَّذِي يَتَحَصَّل مِنْ كَلاَمِ الْعُلَمَاءِ فِي حَدِّ الشِّعْرِ الْجَائِزِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُكْثَرْ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَخَلاَ عَنْ هَجْوٍ وَعَنِ الإِْغْرَاقِ فِي الْمَدْحِ وَالْكَذِبِ الْمَحْضِ وَالْغَزَل الْحَرَامِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ جَائِزًا. وَنَقَل ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الإِْجْمَاعَ عَلَى جَوَازِهِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَاسْتَدَل بِأَحَادِيثَ وَبِمَا أُنْشِدَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ أَوِ اسْتَنْشَدَهُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَقَدْ جَمَعَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ مُجَلَّدًا فِي أَسْمَاءِ مَنْ نُقِل عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ شَيْءٌ مِنْ شِعْرٍ مُتَعَلِّقٍ بِالنَّبِيِّ ﷺ خَاصَّةً، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الأَْدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَقُول: الشِّعْرُ مِنْهُ حَسَنٌ وَمِنْهُ قَبِيحٌ، خُذِ الْحَسَنَ وَدَعِ الْقَبِيحَ،

_________

(١) صحيح مسلم لشرح النووي ١٥ / ١٤.