الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٥ -
الْمُجْتَهِدُ فِي الْمَذْهَبِ فَعَلَيْهِ النَّظَرُ وَالاِجْتِهَادُ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ إِمَامُ الْمَذْهَبِ وَأَصْحَابُهُ فَيَعْمَل بِمَا يَرَاهُ أَرْجَحَ أَوْ أَصَحَّ فِي نَظَرِهِ لِقُوَّةِ دَلِيلِهِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الرَّأْيُ شَاذًّا مَرْجُوعًا عَنْهُ. وَمِنْ ذَلِكَ مَثَلًا أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَيْنِ، الْقَدِيمَ وَالْجَدِيدَ، وَالْجَدِيدُ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْعَمَل؛ لأَِنَّ الْقَدِيمَ إِذَا خَالَفَهُ الْجَدِيدُ مَرْجُوعٌ عَنْهُ إِلاَّ مَا اسْتُثْنِيَ مِنَ الْقَدِيمِ. وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ بِالْقَدِيمِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِل، فَلاَ يُعْتَبَرُ هَذَا مَذْهَبًا لِلشَّافِعِيِّ وَإِنَّمَا يُحْمَل عَلَى أَنَّ الَّذِينَ أَفْتَوْا بِالْقَدِيمِ أَدَّاهُمُ اجْتِهَادُهُمْ إِلَيْهِ لِظُهُورِ دَلِيلِهِ عِنْدَهُمْ، قَال أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلاَحِ: فَيَكُونُ اخْتِيَارُ أَحَدِهِمْ لِلْقَدِيمِ فِيهَا مِنْ قَبِيل اخْتِيَارِهِ مَذْهَبَ غَيْرِ الشَّافِعِيِّ إِذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ ذَا اجْتِهَادٍ اتُّبِعَ اجْتِهَادُهُ، وَإِنْ كَانَ اجْتِهَادًا مُقَيَّدًا مَشُوبًا بِتَقْلِيدٍ، نُقِل ذَلِكَ الشَّوْبُ مِنَ التَّقْلِيدِ عَنْ ذَلِكَ الإِْمَامِ، وَإِنْ أَفْتَى بَيَّنَ ذَلِكَ فِي فَتْوَاهُ، قَال النَّوَوِيُّ: مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّخْرِيجِ وَالاِجْتِهَادِ فِي الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُ مَا اقْتَضَاهُ الدَّلِيل فِي الْعَمَل وَالْفُتْيَا، وَأَنْ يُبَيِّنَ فِي فَتْوَاهُ أَنَّ هَذَا رَأْيُهُ وَأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ كَذَا وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ (١) .
وَكَذَلِكَ كَانَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ
_________
(١) المجموع ١ / ١١٣ - ١١٤.