الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٥ -
جَعَلْتَ الشَّطْرَ فَعَلْتُ (١)، وَلَوْلاَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَمَا بَذَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ. وَأَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ فِيهَا مَعْلُومَةً، لأَِنَّ مَا وَجَبَ تَقْدِيرُهُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا كَخِيَارِ الشَّرْطِ، وَلَوْ فَوْقَ عَشْرِ سِنِينَ لأَِنَّهَا تَجُوزُ فِي أَقَل مِنْ عَشْرٍ فَجَازَتْ فِي أَكْثَر مِنْهَا كَمُدَّةِ الإِْجَارَةِ، وَلأَِنَّهُ إِنَّمَا جَازَ عَقْدُهَا لِلْمَصْلَحَةِ فَحَيْثُ وُجِدَتْ جَازَ عَقْدُهَا تَحْصِيلًا لِلْمَصْلَحَةِ، وَإِنْ هَادَنَهُمْ مُطْلَقًا بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةٍ لَمْ يَصِحَّ. لأَِنَّ الإِْطْلاَقَ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ، وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى تَرْكِ الْجِهَادِ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، أَوْ هَادَنَهُمْ مُعَلِّقًا بِمَشِيئَةٍ كَـ: مَا شِئْنَا، أَوْ: شِئْتُمْ، أَوْ: شَاءَ فُلاَنٌ، أَوْ: مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ كَالإِْجَارَةِ وَلِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ.
١٤ - قَال الْقُرْطُبِيُّ: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِهَا، فَقِيل: إِنَّهَا نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ (٢) لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ مِنَ الْمَيْل إِلَى الصُّلْحِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ إِلَى الصُّلْحِ. وَقِيل: مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ . وَقِيل: هِيَ مُحْكَمَةٌ. وَالآْيَتَانِ نَزَلَتَا فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيِ الْحَال.
_________
(١) حديث: " أرسل رسول الله ﷺ إلى عيينة بن حصن. . ". أخرجه عبد الرزاق (٥ / ٣٦٧ - ٣٦٨ ط المجلس العلمي) عن الزهري مرسلا.
(٢) سورة الأنفال / ٦١.