الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٥ -
٣٥ - وَحَيْثُ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ تَسْلِيمُ الدَّيْنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ جَاءَ بِهِ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِ الاِمْتِنَاعُ عَنْ تَسَلُّمِهِ فِيهِ. فَإِنْ شَاءَ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ أَدَاءَهُ فِي غَيْرِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أ - فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لاَ يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قَبُولُهُ بِغَيْرِ مَحِلِّهِ، وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَقْبِضَهُ بِغَيْرِ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ، وَيَأْخُذُ كِرَاءَ مَسَافَةِ مَا بَيْنَ الْمَكَانَيْنِ لأَِنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الأَْجَلَيْنِ.
وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَدَائِعِ: وَلَوْ سَلَّمَ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ، فَلِرَبِّ السَّلَمِ أَنْ يَأْبَى لِقَوْلِهِ ﵊: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ (١) . فَإِنْ أَعْطَاهُ عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُ الأَْجْرِ عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ لَمَّا قَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَقَدْ تَعَيَّنَ مِلْكُهُ فِي الْمَقْبُوضِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخَذَ الأَْجْرَ عَلَى نَقْل مِلْكِهِ، فَلَمْ يَجُزْ، فَيَرُدُّ الأَْجْرَ، وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ حَتَّى يُسَلَّمَ فِي الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ؛ لأَِنَّ حَقَّهُ فِي التَّسْلِيمِ فِيهِ، وَلَمْ يَرْضَ بِبُطْلاَنِ حَقِّهِ إِلاَّ
_________
(١) حديث: " المسلمون على شروطهم ". أخرجه أبو داود (٤ / ٢٠ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة، وفي إسناده مقال، ولكن أورد له ابن حجر في التغليق (٣ / ٢٨٢ - ط المكتب الإسلامي) ما يقويه.