الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٥ -
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي مَذْهَبِهِمْ، وَقَالُوا: لاَ يَصِحُّ سَلَمٌ فِي مَكِيلٍ وَزْنًا، وَلاَ فِي مَوْزُونٍ كَيْلًا، " لأَِنَّهُ مَبِيعٌ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ، فَلَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ مَا هُوَ مُقَدَّرٌ بِهِ فِي الأَْصْل، كَبَيْعِ الرِّبَوِيَّاتِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، وَلأَِنَّهُ قَدَّرَهُ بِغَيْرِ مَا هُوَ مُقَدَّرٌ بِهِ فِي الأَْصْل، فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي مَذْرُوعٍ وَزْنًا " (١) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْعِبْرَةُ بِعُرْفِ أَهْل الْبَلَدِ الَّذِي جَرَى فِيهِ السَّلَمُ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يُضْبَطَ الْمُسْلَمُ فِيهِ بِالْوَحْدَةِ الْقِيَاسِيَّةِ الَّتِي تَعَارَفَ أَهْل الْبَلَدِ وَقْتَ الْعَقْدِ عَلَى تَقْدِيرِهِ بِهَا؛ قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ فِي تَقْدِيرِهِ عِنْدَ الْوَفَاءِ. قَال الْخَرَشِيُّ: " يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ مَضْبُوطًا بِعَادَةِ بَلَدِ الْعَقْدِ، مِنْ كَيْلٍ فِيمَا يُكَال كَالْحِنْطَةِ، أَوْ وَزْنٍ كَاللَّحْمِ وَنَحْوِهِ، أَوْ عَدَدٍ كَالرُّمَّانِ وَالتُّفَّاحِ فِي بَعْضِ الْبِلاَدِ " (٢) .
وَبَيَانُ مِقْدَارِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إِنَّمَا يَجْرِي فِي الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي تَخْضَعُ أَنْوَاعُهَا لِلْوَحَدَاتِ الْقِيَاسِيَّةِ الْعُرْفِيَّةِ، وَهِيَ الْوَزْنُ أَوِ
_________
(١) شرح منتهى الإرادات ٢ / ٢١٨، وانظر كشاف القناع ٣ / ٢٨٥.
(٢) التاج والإكليل ٤ / ٥٣٠، الخرشي على خليل ٥ / ٢١٢.