الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٥ -
وَالسَّلَمُ لَيْسَ فِي مَعْنَى بَيْعِ الْعَيْنِ فِيمَا شُرِعَ لَهُ الْخِيَارُ؛ لأَِنَّهُ شُرِعَ لِدَفْعِ الْغَبْنِ، وَالسَّلَمُ مَبْنَاهُ عَلَى الْغَبْنِ وَوَكْسِ الثَّمَنِ؛ لأَِنَّهُ بَيْعُ الْمَفَالِيسِ، فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى مَوْرِدِ النَّصِّ، فَوُرُودُ النَّصِّ هُنَاكَ لاَ يَكُونُ وُرُودًا هَاهُنَا دَلاَلَةً، فَبَقِيَ الْحُكْمُ فِيهِ لِلْقِيَاسِ.
وَلأَِنَّ قَبْضَهُ رَأْسَ الْمَال مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، وَلاَ صِحَّةَ لِلْقَبْضِ إِلاَّ فِي الْمِلْكِ، وَخِيَارُ الشَّرْطِ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ، فَيَمْنَعُ صِحَّةَ الْقَبْضِ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ (١) .
وَخَالَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا بِجَوَازِ خِيَارِ الشَّرْطِ فِي السَّلَمِ لِلْعَاقِدَيْنِ أَوْ لأَِحَدِهِمَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَ ذَلِكَ، بِشَرْطِ أَلاَّ يَتِمَّ فَقْدُ رَأْسِ الْمَال، فَإِنْ فُقِدَ فَسَدَ الْعَقْدُ مَعَ شَرْطِ الْخِيَارِ؛ لِتَرَدُّدِ رَأْسِ الْمَال بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ (٢) .
هَذَا هُوَ الرَّأْيُ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ قَبْضِ رَأْسِ مَال السَّلَمِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا؛ لأَِنَّ هَذَا التَّأْخِيرَ الْيَسِيرُ فِي حُكْمِ التَّعْجِيل، فَيَكُونُ مَعْفُوًّا عَنْهُ؛ إِذِ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ.
_________
(١) بدائع الصنائع ٥ / ٢٠١، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ١٦٩.
(٢) منح الجليل لعليش ٣ / ٥.