الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٤ -
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ، فَإِنَّهُ يَرَى إِقَامَةَ الْحَدِّ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَالًا مُحْرَزًا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصَابًا، سَوَاءٌ أَكَانَ تَافِهًا أَمْ عَزِيزًا، إِلاَّ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ وَالطِّينَ وَالْجِصَّ وَالْمَعَازِفَ؛ لأَِنَّ كُل مَا جَازَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَوَجَبَ ضَمَانُ غَصْبِهِ يُقْطَعُ سَارِقُهُ (١) .
وَلاَ يُقَامُ الْحَدُّ كَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِمَّا لاَ يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ، بِأَنْ كَانَ مِمَّا يَتَسَارَعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ.
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ فَأَوْجَبَ إِقَامَةَ الْحَدِّ عَلَى مَنْ يَسْرِقُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، قِيَاسًا لِمَا يَتَسَارَعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ عَلَى مَا لاَ يَتَسَارَعُ إِلَيْهِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُتَمَوَّل عَادَةً وَيُرْغَبُ فِيهِ.
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ لاَ حَدَّ فِي سَرِقَةِ الثِّمَارِ الْمُعَلَّقَةِ فِي أَشْجَارِهَا، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الأَْشْجَارُ مُحَاطَةً بِمَا يَحْفَظُهَا مِنْ أَيْدِي الْغَيْرِ؛ لأَِنَّ الثَّمَرَ مَا دَامَ فِي شَجَرِهِ يَتَسَارَعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ.
أَمَّا إِذَا قُطِعَ الثَّمَرُ وَوُضِعَ فِي جَرِينٍ، ثُمَّ سُرِقَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتَحْكَمَ جَفَافُهُ فَفِيهِ الْقَطْعُ؛ لأَِنَّهُ صَارَ مُدَّخَرًا وَلاَ يَتَسَارَعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدِ اسْتَحْكَمَ جَفَافُهُ فَلاَ حَدَّ عَلَى مَنْ سَرَقَهُ، لأَِنَّهُ لاَ يَقْبَل الاِدِّخَارَ حَيْثُ يَتَسَارَعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ (٢) .
_________
(١) فتح القدير ٤ / ٢٢٧.
(٢) بدائع الصنائع ٧ / ٦٩، الفتاوى الهندية ٢ / ١٧٥، ١٧٦، حاشية ابن عابدين ٣ / ٢٧٣، المبسوط ٩ / ١٥٢، ١٥٣، وفتح القدير ٤ / ٢٢٧ - ٢٢٨.