الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٤ -
ب - وَالْحَاجَةُ أَقَل مِنَ الضَّرُورَةِ، فَهِيَ كُل حَالَةٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حَرَجٌ شَدِيدٌ وَضِيقٌ بَيِّنٌ، وَلِذَا فَإِنَّهَا تَصْلُحُ شُبْهَةً لِدَرْءِ الْحَدِّ، وَلَكِنَّهَا لاَ تَمْنَعُ الضَّمَانَ وَالتَّعْزِيرَ.
مِنْ أَجْل ذَلِكَ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ قَطْعَ بِالسَّرِقَةِ عَامَ الْمَجَاعَةِ (١)، وَفِي ذَلِكَ يَقُول ابْنُ الْقَيِّمِ: " وَهَذِهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ عَنِ الْمُحْتَاجِ، وَهِيَ أَقْوَى مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الشُّبَهِ الَّتِي يَذْكُرُهَا كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ، لاَ سِيَّمَا وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي مُغَالَبَةِ صَاحِبِ الْمَال عَلَى أَخْذِ مَا يَسُدُّ بِهِ رَمَقَهُ. وَعَامُ الْمَجَاعَةِ يَكْثُرُ فِيهِ الْمَحَاوِيجُ وَالْمُضْطَرُّونَ، وَلاَ يَتَمَيَّزُ الْمُسْتَغْنِي مِنْهُمْ وَالسَّارِقُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مِنْ غَيْرِهِ، فَاشْتَبَهَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِمَنْ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ فَدُرِئَ " (٢) .
وَقَدْ حَدَّدَ النَّبِيُّ ﷺ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَكْفِي حَاجَةَ الْمُضْطَرِّ بِقَوْلِهِ: كُل وَلاَ تَحْمِل، وَاشْرَبْ وَلاَ تَحْمِل (٣)، وَذَلِكَ فِي مَعْرِضِ الرَّدِّ عَلَى مَنْ
_________
(١) الفتاوى الهندية ٢ / ١٧٦، والقليوبي وعميرة ٤ / ١٦٢، والمغني ٩ / ٤.
(٢) إعلام الموقعين ٣ / ٢٣.
(٣) حديث: " كل ولا تحمل، واشرب ولا تحمل ". أخرجه ابن ماجه (٢ / ٧٧٣ ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وضعفه البوصيري في الزوائد ٣ / ٣٩ ط دار العربية.