الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٤ -
قَال الْقُرْطُبِيُّ، وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ أَيْ مِنْ أَنْ يُزَادَ فِيهِ أَوْ يُنْقَصَ مِنْهُ. قَال قَتَادَةَ وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: حَفِظَهُ اللَّهُ مِنْ أَنْ تَزِيدَ فِيهِ الشَّيَاطِينُ بَاطِلًا، أَوْ يَنْقُصَ مِنْهُ حَقًّا، فَتَوَلَّى سُبْحَانَهُ حِفْظَهُ فَلَمْ يَزَل مَحْفُوظًا، وَقَال فِي غَيْرِهِ ﴿بِمَا اسْتُحْفِظُوا﴾ (١) فَوَكَّل حِفْظَهُ إِلَيْهِمْ فَبَدَّلُوا وَغَيَّرُوا. ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ ﷾ وَصَفَ الْقُرْآنَ بِأَنَّهُ عَزِيزٌ، أَيْ مُمْتَنِعٌ عَنِ النَّاسِ أَنْ يَقُولُوا مِثْلَهُ، كَمَا قَال ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄. قَال تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِل مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (٢)
وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى: ﴿لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِل مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ﴾ كَمَا قَال الْقُرْطُبِيُّ نَقْلًا عَنِ السُّدِّيِّ وَقَتَادَةَ: أَيْ أَنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَ فِيهِ وَلاَ يَزِيدَ وَلاَ يُنْقِصَ. وَذَكَرَ صَاحِبُ رَوْحِ الْمَعَانِي أَنَّ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِل مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ﴾ تَمْثِيلًا لِتَشْبِيهِهِ بِشَخْصٍ حُمِيَ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ، فَلاَ يُمْكِنُ أَعْدَاؤُهُ الْوُصُول إِلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ فِي حِصْنٍ حَصِينٍ مِنْ حِمَايَةِ الْحَقِّ الْمُبِينِ (٣) .
_________
(١) سورة المائدة / ٤٤.
(٢) سورة فصلت ٤١ - ٤٢.
(٣) تفسير القرطبي ١٠ / ٥، ١٥ / ٣٦٧ ط. الثانية، روح المعاني ٢٤ / ١٢٧ ط. المنيرية.