الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٤ -
وَالْخِلاَفُ فِي قَبُول التَّوْبَةِ وَعَدَمِهَا إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الدُّنْيَا، أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَتُقْبَل تَوْبَتُهُ بِلاَ خِلاَفٍ (١) .
هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ.
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَتُوبَ قَبْل الاِطِّلاَعِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَبُول تَوْبَتِهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: مَفْهُومُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الزِّنْدِيقَ إِذَا تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَلَمْ يُقْتَل، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ الْخَلاَّل، وَقَال: إِنَّهُ أَوْلَى عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ.
وَيُرْوَى ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ ﵄، وَالدَّلِيل عَلَى قَبُول تَوْبَتِهِ وَعَدَمِ قَتْلِهِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ﴿قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَف﴾ (٢) وَقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِْسْلاَمِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ (٣) .
_________
(١» حاشية ابن عابدين ٣ / ٢٩٢، ٢٩٣، ٢٩٦، ٢٩٧، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٤ / ٣٠٦.
(٢) سورة الأنفال / ٣٨.
(٣) حديث: " فإذا فعلوا ذلك عصموا مني. . . " شطر من حديث أوله " أمرت أن أقاتل الناس. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١ / ٧٥ ط. السلفية)، ومسلم (١ / ٥١، ٥٢، ٥٣ ط. عيسى الحلبي)، عن ابن عمر واللفظ للبخاري.