الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٣ -
لاَ تُعْطَى لأَِهْل الْمَعَاصِي إِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُعْطِي أَنَّهُمْ يَصْرِفُونَهَا فِي الْمَعْصِيَةِ، فَإِنْ أَعْطَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُجْزِئْهُ عَنِ الزَّكَاةِ، وَفِي غَيْرِ تِلْكَ الْحَال تَجُوزُ، وَتُجْزِئُ (١) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: يَنْبَغِي لِلإِْنْسَانِ أَنْ يَتَحَرَّى بِزَكَاتِهِ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ أَهْل الدِّينِ الْمُتَّبِعِينَ لِلشَّرِيعَةِ، فَمَنْ أَظْهَرَ بِدْعَةً أَوْ فُجُورًا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ بِالْهَجْرِ وَغَيْرِهِ وَالاِسْتِتَابَةَ فَكَيْفَ يُعَانُ عَلَى ذَلِكَ؟، وَقَال: مَنْ كَانَ لاَ يُصَلِّي يُؤْمَرُ بِالصَّلاَةِ، فَإِنْ قَال: أَنَا أُصَلِّي، أُعْطِيَ، وَإِلاَّ لَمْ يُعْطَ، وَمُرَادُهُ أَنَّهُ يُعْطَى مَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا بِالنِّفَاقِ (٢) .
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَجُوزُ إِعْطَاءُ الزَّكَاةِ لِلْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الإِْسْلاَمِ مِنْ أَهْل الْبِدَعِ إِنْ كَانُوا مِنَ الأَْصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، مَا لَمْ تَكُنْ بِدْعَتُهُمْ مُكَفِّرَةً مُخْرِجَةً لَهُمْ عَنِ الإِْسْلاَمِ (٣) . عَلَى أَنَّ الأَْوْلَى تَقْدِيمُ أَهْل الدِّينِ الْمُسْتَقِيمِينَ عَلَيْهِ فِي الاِعْتِقَادِ، وَالْعَمَل عَلَى مَنْ عَدَاهُمْ عِنْدَ الإِْعْطَاءِ مِنَ الزَّكَاةِ، لِحَدِيثِ: لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا وَلاَ يَأْكُل طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ (٤) .
_________
(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ١ / ٤٩٢، وانظر فتح الباري ٢ / ٢٩١.
(٢) مجموع الفتاوى الكبرى ٢٤ / ٢٧٨، ٢٥ / ٨٧ - ٨٩.
(٣) ابن عابدين ٢ / ٦٩.
(٤) أخرجه أحمد (٣ / ٣٨ - ط الميمنية) والترمذي (٤ / ٥١٩ - ط دار الكتب العلمية) من حديث أبي سعيد الخدري، وعند أحمد: " لا تصحب "، وحسنه الترمذي.