الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٣ -

وَأَمَّا زَكَاةُ الأَْمْوَال الْبَاطِنَةِ فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لِلإِْمَامِ طَلَبُهَا، وَحَقُّهُ ثَابِتٌ فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْ كُل مَالٍ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، لِلآْيَةِ. وَمَا فَعَلَهُ عُثْمَانُ ﵁ أَنَّهُ فَوَّضَ إِلَى الْمُلاَّكِ زَكَاةَ الْمَال الْبَاطِنِ، فَهُمْ نُوَّابُهُ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا لاَ يُسْقِطُ طَلَبَ الإِْمَامِ أَصْلًا، وَلِهَذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّ أَهْل بَلْدَةٍ لاَ يُؤَدُّونَ زَكَاتَهُمْ طَالَبَهُمْ بِهَا. فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَطْلُبْهَا لَمْ يَجِبِ الدَّفْعُ إِلَيْهِ (١) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: زَكَاةُ الأَْمْوَال الْبَاطِنَةِ مُفَوَّضَةٌ لأَِرْبَابِهَا، فَلِرَبِّ الْمَال أَنْ يُوصِلَهَا إِلَى الْفُقَرَاءِ وَسَائِرِ الْمُسْتَحِقِّينَ بِنَفْسِهِ (٢) . وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الْجَدِيدُ الْمُعْتَمَدُ مِنْ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ: إِلَى أَنَّ الدَّفْعَ إِلَى الإِْمَامِ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الأَْمْوَال الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ عَلَى السَّوَاءِ، فَيَجُوزُ لِلْمَالِكِ صَرْفُهَا إِلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مُبَاشَرَةً، قِيَاسًا لِلظَّاهِرَةِ عَلَى الْبَاطِنَةِ، وَلأَِنَّ فِي ذَلِكَ إِيصَال الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ الْجَائِزِ تَصَرُّفُهُ، فَيُجْزِئُهُ، كَمَا لَوْ دَفَعَ الدَّيْنَ إِلَى غَرِيمِهِ مُبَاشَرَةً، وَأَخْذُ الإِْمَامِ لَهَا إِنَّمَا هُوَ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ عَنْ مُسْتَحِقِّهَا، فَإِذَا دَفَعَهَا إِلَيْهِمْ جَازَ؛ لأَِنَّهُمْ أَهْل رُشْدٍ.

ثُمَّ قَال الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ: الصَّرْفُ إِلَى

_________

(١) المغني ٢ / ٦٤١ - ٦٤٣، وفتح القدير والعناية ١ / ٤٨٧، ٤٨٨، والدسوقي ١ / ٥٠٣.

(٢) الدسوقي ١ / ٤٣٢، والأحكام السلطانية للماوردي ص ١١٣ القاهرة، مطبعة مصطفى الحلبي، ١٣٢٧ هـ.