الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٣ -
السَّابِقِينَ، قَال اللَّهُ تَعَالَى فِي حَقِّ إِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْل الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾ (١) .
وَشُرِعَ لِلْمُسْلِمِينَ إِيتَاءُ الصَّدَقَةِ لِلْفُقَرَاءِ، مُنْذُ الْعَهْدِ الْمَكِّيِّ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ (٢) وَبَعْضُ الآْيَاتِ الْمَكِّيَّةِ جَعَلَتْ لِلْفُقَرَاءِ فِي أَمْوَال الْمُؤْمِنِينَ حَقًّا مَعْلُومًا، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِل وَالْمَحْرُومِ﴾ (٣) .
وَقَال ابْنُ حَجَرٍ: اخْتُلِفَ فِي أَوَّل فَرْضِ الزَّكَاةِ فَذَهَبَ الأَْكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَادَّعَى ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ فَرْضَهَا كَانَ قَبْل الْهِجْرَةِ. وَاحْتَجَّ بِقَوْل جَعْفَرٍ لِلنَّجَاشِيِّ: وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَيُحْمَل عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ، وَلاَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ هَذِهِ الزَّكَاةَ الْمَخْصُوصَةَ ذَاتَ النِّصَابِ وَالْحَوْل.
قَال: وَمِمَّا يَدُل عَلَى أَنَّ فَرْضَ الزَّكَاةِ وَقَعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ إِنَّمَا فُرِضَ
_________
(١) سورة الأنبياء / ٧٣.
(٢) سورة البلد / ١١ - ١٦.
(٣) سورة المعارج / ٢٤ - ٢٥.