الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٣ -

وَبِقَوْلِهِ ﷺ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ: ارْمُوا الْجِمَارَ بِمِثْل حَصَى الْخَذْفِ وَفِي عَدَدٍ مِنْهَا أَنَّهُ قَال ذَلِكَ وَهُوَ وَاضِعٌ أُصْبُعَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُْخْرَى (١) .

قَال النَّوَوِيُّ: فَأَمَرَ ﷺ بِالْحَصَى، فَلاَ يَجُوزُ الْعُدُول عَنْهُ، وَالأَْحَادِيثُ الْمُطْلَقَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى (٢) ".

وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ بِالأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الأَْمْرِ بِالرَّمْيِ مُطْلَقَةً عَنْ صِفَةٍ مُقَيِّدَةٍ، كَقَوْلِهِ ﷺ: ارْمِ وَلاَ حَرَجَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٣) .

قَال الْكَاسَانِيُّ: وَالرَّمْيُ بِالْحَصَى مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ ﵃ مَحْمُولٌ عَلَى الأَْفْضَلِيَّةِ، تَوْفِيقًا بَيْنَ الدَّلاَئِل، لِمَا صَحَّ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمُطْلَقَ لاَ يُحْمَل عَلَى الْمُقَيَّدِ، بَل يَجْرِي الْمُطْلَقُ عَلَى إِطْلاَقِهِ، وَالْمُقَيَّدُ عَلَى تَقْيِيدِهِ مَا أَمْكَنَ، وَهَاهُنَا أَمْكَنَ بِأَنْ يُحْمَل الْمُطْلَقُ عَلَى الْجَوَازِ، وَالْمُقَيَّدُ عَلَى الأَْفْضَلِيَّةِ (٤) .

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ أَيْضًا: إِنَّ الْمَقْصُودَ فِعْل الرَّمْيِ، وَذَلِكَ يَحْصُل بِالطِّينِ، كَمَا يَحْصُل بِالْحَجَرِ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا رَمَى بِالذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ؛ لأَِنَّهُ يُسَمَّى نَثْرًا لاَ رَمْيًا (٥) .

_________

(١) حديث: " ارموا الجمار بمثل حصى الخذف ". أخرجه أحمد (٤ / ٣٤٣ - ط الميمنية) من سنان بن سنة، وقال الهيثمي: " رجاله ثقات " مجمع الزوائد (٣ / ٢٥٨ - ط القدسي) .

(٢) المجموع ٨ / ١٥١.

(٣) حديث: " ارم ولا حرج ". سبق تخريجه ف / ٥.

(٤) بدائع الصنائع ٢ / ١٥٨.

(٥) الهداية ٢ / ١٧٧.