الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢ -
شَرَعَهُ لَهُمْ مِنَ الأَْحْكَامِ، فَإِنَّهُ ﷾ لَمْ يُكَلِّفْهُمْ إِلاَّ بِمَا يَدْخُل تَحْتَ قُدْرَتِهِمْ وَطَاقَتِهِمْ بِلاَ مَشَقَّةٍ، فَقَدْ أَمَرَهُمْ بِالصَّلاَةِ وَبِصَوْمِ رَمَضَانَ إِلاَّ أَنَّهُ شَرَعَ لَهُمُ الرُّخَصَ الَّتِي تُخَفِّفُ عَنْهُمُ الْمَشَقَّةَ الْحَاصِلَةَ مِنْ تِلْكَ الْعِبَادَاتِ، فَرَخَّصَ لَهُمُ الْفِطْرَ وَالْقَصْرَ وَالْجَمْعَ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ، وَأَبَاحَ لَهُمُ الْمَحْظُورَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ إِنْ كَانَتْ تِلْكَ الضَّرُورَةُ مُسَاوِيَةً لِلْمَحْظُورِ أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهِ، كَإِبَاحَةِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ، وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعِبَادَاتِ إِلاَّ مَا هُوَ يَسِيرٌ عَلَيْهِمْ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنَ النَّوَافِل مَا يُطِيقُونَ، وَأَلاَّ يَتَحَمَّلُوا مِنْهَا مَا فِيهِ مَشَقَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَيْهِمْ رِفْقًا بِهِمْ؛ لأَِنَّ تِلْكَ الْمَشَقَّةَ تُؤَدِّي إِلَى عَدَمِ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى تِلْكَ الأَْعْمَال، وَقَدْ نَهَى رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنِ التَّنَطُّعِ وَالتَّكَلُّفِ وَقَال: خُذُوا مِنَ الأَْعْمَال مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَل حَتَّى تَمَلُّوا (١) . وَقَال أَيْضًا: الْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا (٢) فَإِنَّ الشَّارِعَ الْحَكِيمَ لَمْ يَقْصِدْ مِنَ التَّكَالِيفِ الَّتِي فَرَضَهَا عَلَى عِبَادِهِ الْعَنَتَ وَالْمَشَقَّةَ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ بِأَدِلَّتِهِ فِي مُصْطَلَحِ (تَيْسِير) (وَرُخْصَة) (وَرَفْعُ الْحَرَجِ) .
_________
(١) حديث: " خذوا من الأعمال ما تطيقون " أخرجه مسلم (٢ / ٨١١ - ط الحلبي) من حديث عائشة.
(٢) حديث: " القصد القصدَ تبلغوا " أخرجه البخاري (الفتح ١١ / ٣٩٤ - ط السلفية) من حديث أبي هريرة.