الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢ -
الإِْنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ (١) .
وَمِنَ السُّنَّةِ قَوْل النَّبِيِّ: بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ (٢) . وَحَدِيثُ عَائِشَةَ: مَا خُيِّرَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا (٣) .
وَانْعَقَدَ الإِْجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِ الْحَرَجِ فِي التَّكْلِيفِ، وَهُوَ يَدُل عَلَى عَدَمِ قَصْدِ الشَّارِعِ إِلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ وَاقِعًا لَحَصَل فِي الشَّرِيعَةِ التَّنَاقُضُ وَالاِخْتِلاَفُ، وَذَلِكَ مَنْفِيٌّ عَنْهَا، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ وَضْعُ الشَّرِيعَةِ عَلَى قَصْدِ الإِْعْنَاتِ وَالْمَشَقَّةِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ عَلَى قَصْدِ الرِّفْقِ وَالتَّيْسِيرِ، كَانَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَنَاقُضًا وَاخْتِلاَفًا، وَهِيَ مُنَزَّهَةٌ عَنْ ذَلِكَ.
ثُمَّ مَا ثَبَتَ أَيْضًا مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الرُّخَصِ، وَهُوَ أَمْرٌ مُتَطَوَّعٌ بِهِ، وَمِمَّا عُلِمَ مِنْ دِينِ الأُْمَّةِ بِالضَّرُورَةِ، كَرُخَصِ الْقَصْرِ، وَالْفِطْرِ، وَالْجَمْعِ، وَتَنَاوُل الْمُحَرَّمَاتِ فِي الاِضْطِرَارِ. فَإِنَّ هَذَا نَمَطٌ يَدُل قَطْعًا عَلَى مُطْلَقِ رَفْعِ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ.
وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ التَّعَمُّقِ
_________
(١) سورة النساء / ٢٨.
(٢) حديث: " بعثت بالحنيفية السمحة " أخرجه ابن سعد في الطبقات (١ / ١٩٢ - ط دار صادر) من حديث حبيب بن أبي ثابت مرسلًا.
(٣) حديث: " ما خير رسول الله ﷺ بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا " أخرجه البخاري (الفتح ١٢ / ٨٦ - ط السلفية)، ومسلم (٤ / ١٨١٣ - ط الحلبي) .