الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢ -
وَوَرَدَ الْحَدِيثُ مُوَافِقًا لِلآْيَةِ: يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ (١) حَيْثُ أَطْلَقَ الرَّضَاعَ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا، وَلِحَدِيثِ كَيْفَ بِهَا وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا (٢) وَلَمْ يَسْتَفْصِل عَنْ عَدَدِ الرَّضَعَاتِ (٣) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْقَوْل الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ مَا دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ لاَ يُؤَثِّرُ فِي التَّحْرِيمِ. وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ ﵃ وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أُنْزِل مِنَ الْقُرْآنِ (عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ) ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ (٤) .
وَالْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ: أَنَّ نَسْخَ تِلاَوَةِ ذَلِكَ تَأَخَّرَ جِدًّا حَتَّى إِنَّهُ تُوُفِّيَ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَبَعْضُ النَّاسِ لَمْ يَبْلُغْهُ نَسْخُ تِلاَوَتِهِ، فَلَمَّا بَلَغَهُمْ نَسْخُ تِلاَوَتِهِ تَرَكُوهُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لاَ يُتْلَى مَعَ بَقَاءِ حُكْمِهِ،
_________
(١) حديث: " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب " تقدم تخريجه ف / ٧.
(٢) حديث: " كيف بها وقد زعمت أنها أرضعتكما؟ " أخرجه البخاري (الفتح ٩ / ١٥٢ - ط السلفية) من حديث عقبة بن الحارث.
(٣) بدائع الصنائع ٤ / ٨، الفواكه الدواني ٢ / ٨٨، حاشية الدسوقي ٢ / ٥٠٢، كشاف القناع ٥ / ٤٤٥ - ٤٤٦، بداية المجتهد ٢ / ٣١.
(٤) حديث عائشة: " كان فيما أنزل من القرآن " أخرجه مسلم (٢ / ١٠٧٥ - ط الحلبي) .