الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢ - حرف الراء - رضا - وسائل التعبير عن الرضا
وَسَائِل التَّعْبِيرِ عَنِ الرِّضَا:
١٥ - إِنَّ الرِّضَا فِي حَقِيقَتِهِ - كَمَا سَبَقَ - هُوَ الْقَصْدُ، وَهُوَ أَمْرٌ بَاطِنِيٌّ لَيْسَ لَنَا مِنْ سَبِيلٍ إِلَيْهِ إِلاَّ مِنْ خِلاَل وَسَائِل تُعَبِّرُ عَنْهُ، وَهِيَ اللَّفْظُ وَالْفِعْل - أَيِ الْبَذْل - وَالْكِتَابَةُ، وَالإِْشَارَةُ، وَالسُّكُوتُ فِي مَعْرِضِ الْبَيَانِ. يَقُول الْبَيْضَاوِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ ضَرُورَةَ وُجُودِ الرِّضَا حَقِيقَةً: لَكِنَّهُ لَمَّا خَفِيَ نِيطَ بِاللَّفْظِ الدَّال عَلَيْهِ صَرِيحًا (١) " وَيَقُول ابْنُ الْقَيِّمِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ الأَْلْفَاظَ بَيْنَ عِبَادِهِ تَعْرِيفًا وَدَلاَلَةً عَلَى مَا فِي نُفُوسِهِمْ، فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ مِنَ الآْخَرِ شَيْئًا عَرَّفَهُ بِمُرَادِهِ وَمَا فِي نَفْسِهِ بِلَفْظِهِ، وَرَتَّبَ عَلَى تِلْكَ الإِْرَادَاتِ وَالْمَقَاصِدِ أَحْكَامَهَا بِوَاسِطَةِ الأَْلْفَاظِ، وَلَمْ يُرَتِّبْ تِلْكَ الأَْحْكَامَ عَلَى مُجَرَّدِ مَا فِي النُّفُوسِ مِنْ غَيْرِ دَلاَلَةِ فِعْلٍ، أَوْ قَوْلٍ، وَلاَ عَلَى مُجَرَّدِ أَلْفَاظٍ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِهَا لَمْ يُرِدْ مَعَانِيَهَا وَلَمْ يُحِطْ بِهَا عِلْمًا، بَل تَجَاوَزَ لِلأُْمَّةِ عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَل، أَوْ تُكَلِّمْ بِهِ (٢) . فَإِذَا اجْتَمَعَ الْقَصْدُ وَالدَّلاَلَةُ الْقَوْلِيَّةُ، أَوِ الْفِعْلِيَّةُ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ، هَذِهِ
_________
(١) الغاية القصوى ١ / ٤٥٧، روى مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان ١ / ١١٦ أن النبي ﷺ قال: " إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت أنفسها ما لم تعمل به، أو تتكلم ".
(٢) ورد ذلك من حديث أبي هريرة مرفوعًا: " إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تتكلم ". أخرجه البخاري (الفتح ٥ / ١٦٠ - ط السلفية)، وأخرجه مسلم بلفظ مقارب (١ / ١١٦ - ط الحلبي) .