الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢ -

إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ (١)﴾ الآْيَةَ فَإِنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ الآْيَةِ يَدُل عَلَى أَنَّ ابْتِلاَءَهُمْ قَبْل الْبُلُوغِ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ سَمَّاهُمْ يَتَامَى، وَإِنَّمَا يَكُونُونَ يَتَامَى قَبْل الْبُلُوغِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَدَّ اخْتِبَارَهُمْ إِلَى الْبُلُوغِ بِلَفْظَةِ حَتَّى، فَدَل عَلَى أَنَّ الاِخْتِبَارَ قَبْلَهُ؛ وَلأَِنَّ تَأْخِيرَ الاِخْتِبَارِ إِلَى الْبُلُوغِ يُؤَدِّي إِلَى الْحَجْرِ عَلَى الْبَالِغِ الرَّشِيدِ؛ لأَِنَّ الْحَجْرَ يَمْتَدُّ إِلَى أَنْ يُخْتَبَرَ وَيُعْلَمَ رُشْدُهُ، وَاخْتِبَارُهُ قَبْل الْبُلُوغِ يَمْنَعُ ذَلِكَ فَكَانَ أَوْلَى، لَكِنْ لاَ يُخْتَبَرُ إِلاَّ الْمُرَاهِقُ (٢) الْمُمَيِّزُ الَّذِي يَعْرِفُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَالْمَصْلَحَةَ مِنَ الْمَفْسَدَةِ.

وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ أَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لأَِنَّهُ قَبْلَهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ، إِذِ الْبُلُوغُ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الْعَقْل لَمْ يُوجَدْ، فَكَانَ عَقْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْدُومِ.

وَلَمْ يُجَوِّزْ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِلصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِل التِّجَارَةَ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ مَالًا لِيَتَّجِرَ بِهِ حَيْثُ قَال فِي جَوَابِ مَنْ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ: لاَ أَرَى ذَلِكَ جَائِزًا؛ لأَِنَّ الصَّبِيَّ مُولًى عَلَيْهِ، فَإِذَا كَانَ مُولًى عَلَيْهِ فَلاَ أَرَى الإِْذْنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إِذْنًا.

وَقَال فِي الْيَتِيمِ الَّذِي بَلَغَ وَاحْتَلَمَ وَالَّذِي لاَ يَعْلَمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ إِلاَّ خَيْرًا فَأَعْطَاهُ ذَهَبًا بَعْدَ

_________

(١) سورة النساء / ٦.

(٢) المراهق: هو الغلام الذي قارب الاحتلام ولم يحتلم بعد، (المصباح) مادة: " رهق ".