الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢ -
الْمَظَالِمَ يَجِبُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا فَوْرًا؛ لأَِنَّ بَقَاءَهَا بِيَدِهِ ظُلْمٌ آخَرُ. وَكَذَا السَّارِقُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الْعَيْنِ الْمَسْرُوقَةِ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً اتِّفَاقًا.
فَإِنْ هَلَكَتْ أَوِ اسْتُهْلِكَتْ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهَا إِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، وَإِلاَّ فَقِيمَتُهَا، سَوَاءٌ قُطِعَ أَوْ لَمْ يُقْطَعْ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ قُطِعَ فِي السَّرِقَةِ وَالْعَيْنُ هَالِكَةٌ لاَ يَضْمَنُ حِينَئِذٍ، فَلاَ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمُ الْقَطْعُ وَالْغُرْمُ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لاَ يُغَرَّمُ صَاحِبُ سَرِقَةٍ إِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ (١) وَفِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ لاَ يَضْمَنُ السَّارِقُ سَرِقَتَهُ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ (٢) وَفِي رِوَايَةٍ لاَ غُرْمَ عَلَى السَّارِقِ بَعْدَ قَطْعِ يَمِينِهِ (٣) . وَلأَِنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ يُنَافِي الْقَطْعَ؛ لأَِنَّهُ لَوْ ضَمِنَهُ لَمَلَكَهُ مِلْكًا مُسْتَنِدًا إِلَى وَقْتِ الأَْخْذِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مِلْكِهِ فَيَنْتَفِي الْقَطْعُ لِلشُّبْهَةِ وَمَا يُؤَدِّي إِلَى انْتِفَائِهِ فَهُوَ الْمُنْتَفِي.
_________
(١) حديث: " لا يغرم صاحب سرقة إذا أقيم عليه الحد " أخرجه النسائي (٨ / ٩٣ - ط المكتبة التجارية) من حديث عبد الرحمن بن عوف، وقال النسائي: " هذا مرسل، وليس بثابت ".
(٢) حديث: " لا يضمن السارق سرقته بعد إقامة الحد " أخرجه البزار كما في نصب الراية (٣ / ٣٧٥ - ط المجلس العلمي)، ونقل الزيلعي عن ابن القطان أنه أعله بالإرسال، كما تقدم ذلك في النسائي أيضًا، وزاد كذلك بجهالة الراوي عن عبد الرحمن بن عوف.
(٣) حديث: " لا غرم على السارق بعد قطع يمينه " أخرج هذه الرواية الدارقطني (٣ / ١٨٢ - ط دار المحاسن) بإسناد الرواية السابقة.