الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢ -

وَقَدْ كَانَ لِمَالِكٍ أَقْوَالٌ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا نَقَلَهَا عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ، وَنَظَرًا لأَِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لاَزَمَ مَالِكًا كَثِيرًا وَكَانَ لاَ يَغِيبُ عَنْ مَجْلِسِهِ إِلاَّ لِعُذْرٍ فَقَدْ قَالُوا: مَنْ قَلَّدَ مَالِكًا فَإِنَّمَا يَأْخُذُ بِالْقَوْل الْمَرْجُوعِ إِلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لأَِنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ الرَّاجِحُ لِمَصِيرِ مَالِكٍ إِلَيْهِ آخِرًا مَعَ ذِكْرِهِ الْقَوْل الأَْوَّل. (١)

كَذَلِكَ كَانَ لِلشَّافِعِيِّ مَذْهَبَانِ أَوْ قَوْلاَنِ وَهُمَا الْقَدِيمُ وَالْجَدِيدُ، يَقُول النَّوَوِيُّ: صَنَّفَ الشَّافِعِيُّ فِي الْعِرَاقِ كِتَابَهُ الْقَدِيمَ، وَيُسَمَّى كِتَابَ الْحُجَّةِ، وَيَرْوِيهِ عَنْهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ جِلَّةِ أَصْحَابِهِ وَهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالزَّعْفَرَانِيُّ، وَالْكَرَابِيسِيُّ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مِصْرَ وَصَنَّفَ كُتُبَهُ الْجَدِيدَةَ كُلَّهَا بِمِصْرَ.

ثُمَّ يَقُول النَّوَوِيُّ: كُل مَسْأَلَةٍ فِيهَا قَوْلاَنِ لِلشَّافِعِيِّ قَدِيمٌ وَجَدِيدٌ، فَالْجَدِيدُ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْعَمَل؛ لأَِنَّ الْقَدِيمَ مَرْجُوعٌ عَنْهُ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ بَعْضَ الْمَسَائِل الْمُسْتَثْنَاةِ وَالَّتِي يُفْتَى فِيهَا بِالْقَدِيمِ. وَقَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: مُعْتَقَدِي أَنَّ الأَْقْوَال الْقَدِيمَةَ لَيْسَتْ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ حَيْثُ كَانَتْ؛ لأَِنَّهُ جَزَمَ فِي الْجَدِيدِ بِخِلاَفِهَا، وَالْمَرْجُوعُ عَنْهُ لَيْسَ مَذْهَبًا لِلرَّاجِعِ.

١٣ - عَلَى أَنَّ أَتْبَاعَ الأَْئِمَّةِ قَدْ يُفْتُونَ بِالأَْقْوَال الْقَدِيمَةِ الَّتِي رَجَعَ عَنْهَا أَئِمَّةُ الْمَذَاهِبِ لِرَجَاحَتِهَا فِي نَظَرِهِمْ.

_________

(١) التبصرة بهامش فتح العلي ١ / ٦٠.