الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢ - حرف الراء - رجوع - الحكم التكليفي - ما يتعلق بالرجوع من أحكام - أسباب الرجوع - أولا الرجوع في الأقوال والتصرفات - ١ - الرجوع في الحكم والفتوى - تغير اجتهاد القاضي
رَأْيِ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ، كَمَا فَعَل فِي تَلْقِيحِ النَّخْل، وَالنُّزُول بِبَدْرٍ، وَمُصَالَحَةِ أَهْل الأَْحْزَابِ.
وَكَذَلِكَ فَعَل النَّبِيُّ ﷺ حِينَ أَرْسَل أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ بِنَعْلَيْهِ وَقَال لَهُ: مَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَقَال لَهُ عُمَرُ ﵁: لاَ تَفْعَل فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِل النَّاسُ عَلَيْهَا، فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُونَ. فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: فَخَلِّهِمْ (١) .
د - تَغَيُّرُ اجْتِهَادِ الْقَاضِي:
١٠ - مِنْ أَسْبَابِ الرُّجُوعِ أَيْضًا تَغَيُّرُ الاِجْتِهَادِ، فَالْمُجْتَهِدُ الَّذِي يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ إِلَى رَأْيٍ يُخَالِفُ رَأْيَهُ الأَْوَّل يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَنِ اجْتِهَادِهِ الأَْوَّل وَالْعَمَل بِمَا تَغَيَّرَ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ كِتَابُ عُمَرَ ﵁ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ وَقَدْ جَاءَ فِيهِ: وَلاَ يَمْنَعَنَّكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَ بِهِ الْيَوْمَ فَرَاجَعْتَ فِيهِ رَأْيَكَ وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ أَنْ تُرَاجِعَ فِيهِ الْحَقَّ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ وَلاَ يُبْطِلُهُ شَيْءٌ، وَمُرَاجَعَةُ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنَ التَّمَادِي فِي الْبَاطِل.
قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: يُرِيدُ أَنَّكَ إِذَا اجْتَهَدْتَ فِي حُكُومَةٍ ثُمَّ وَقَعَتْ لَكَ مَرَّةً أُخْرَى فَلاَ يَمْنَعُكَ
_________
(١) حديث: " من لقيت وراء هذا الحائط يشهد. . . " أخرجه مسلم (١ / ٦٠ - ط الحلبي) .