الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢ -
الْقَوْل مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ﵄، فَمَنْ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُشْهِدْ صَحَّتِ الرَّجْعَةُ؛ لأَِنَّ الإِْشْهَادَ مُسْتَحَبٌّ.
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي:
١ - الرَّجْعَةُ مِثْل النِّكَاحِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا امْتِدَادًا لَهُ، وَمِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَنَّ اسْتِدَامَةَ النِّكَاحِ لاَ تَلْزَمُهَا شَهَادَةٌ، فَكَذَا الرَّجْعَةُ لاَ تَجِبُ فِيهَا الشَّهَادَةُ.
٢ - الرَّجْعَةُ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِ وَهِيَ لاَ تَحْتَاجُ لِقَبُول الْمَرْأَةِ، لِذَلِكَ لاَ تُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ لِصِحَّتِهَا؛ لأَِنَّ الزَّوْجَ قَدِ اسْتَعْمَل خَالِصَ حَقِّهِ، وَالْحَقُّ إِذَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَى قَبُولٍ أَوْ وَلِيٍّ فَلاَ تَكُونُ الشَّهَادَةُ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ.
قَالُوا: وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ (١) هَذَا أَمْرٌ، وَالأَْمْرُ فِي هَذِهِ الآْيَةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ لاَ عَلَى الْوُجُوبِ، مِثْل قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ (٢) وَاتَّفَقَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ بِلاَ إِشْهَادٍ، فَكَذَا اسْتُحِبَّ الإِْشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ لِلأَْمْنِ مِنَ الْجُحُودِ، وَقَطْعِ النِّزَاعِ، وَسَدِّ بَابِ الْخِلاَفِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. وَيُلاَحَظُ أَنَّ تَأْكِيدَ الْحَقِّ فِي الْبَيْعِ فِي حَاجَةٍ إِلَى إِشْهَادٍ أَكْثَرَ مِنَ الرَّجْعَةِ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ إِنْشَاءٌ لِتَصَرُّفٍ شَرْعِيٍّ، أَمَّا الرَّجْعَةُ فَهِيَ
_________
(١) سورة الطلاق / ٢.
(٢) سورة البقرة / ٢٨٢.